قال: وسئل مالك عمن أعطي ثلاثين دينارا أو أربعين دينارا، فقيل له: خذ هذه فاقسمها في سبيل الله، فإن احتجت إلى شيء منها فخذه؛ فخرج بها فيحتاج منها إلى دينار يقضي به دينا عليه، فيأخذه فيقضيه رب الدين، وإنما يعطي الناس منها نصفا نصفا، قال: إن كان الذي أعطاه إياها أراد هذا، فلا بأس عليه في ذلك؛ فقيل له: أما هو فقال إن احتجت إلى شيء منها فخذه، وكان عليه دينار، فأخذه منها فقضاه؛ قال: إني أخاف أن يكون عليه لآخر ثلاثون دينارا، فإن كان صاحب الدنانير أراد هذا فلا بأس بذلك.
قال محمد بن رشد: استحب مالك لمن أعطي مالا يقسمه على صنف من الناس - وهو منهم، ولم يقل له معطيه إن احتجت إلى شيء منه فخذه - وكان عليه دينار فأخذه منها - ألا يأخذ لنفسه منه شيئا، إلا أن يعلمه بذلك، فإن أخذ ولم يعلمه، أعلمه بذلك، - قاله في سماع ابن القاسم من كتاب البضائع والوكالات؛ فإن استأذنه في الأخذ - ولم يأذن له لم يجز له أن يأخذ، وإن أعلمه بما يأخذ فلم يمضه له، وجب عليه غرمه؛ لأنه أعلم بما أراد بماله؛ وإن لم يستأذنه في الأخذ ولا أعلمه بما أخذ حتى فات إعلامه، تخرج ذلك على قولين، أحدهما:(أنه) لا شيء عليه فيما أخذ؛ لأنه من ذلك الصنف؛ فهو يدخل مدخلهم بالمعنى، وهو مذهب مالك؛ لأنه إنما استحب له استئذانه وإعلامه ولم يوجب ذلك عليه. والثاني: