قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في المدونة وغيرها أنه لا بأس بالذبح بما عدا الحديد إذا لم يجد حديدا ولا بأس بأكل ما ذبح بغير الحديد وإن كان واجدا للحديد إذا أنهر الدم بذلك كله، والأصل في جواز ذلك ما روي أن «جارية لكعب بن مالك كانت ترعى غنما لها بسلع فأصيبت شاة منها فذكتها بحجر فسئل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: " لا بأس بها فكلوها» ، وما روي عن عدي بن حاتم قال:«قلت يا رسول الله أرسل كلبي فيأخذ الصيد فلا يكون معي ما أذكيه به إلا المدوة والعصا، فقال: أنهر الدم بما شئت واذكر اسم الله إلا العظم والسن» . فإن أهل العلم اختلفوا في جواز الذبح بهما لما روي عن رافع بن خديج أنه قال: يا رسول الله إنا لاقوا العدو غدا وليس معنا مدى، قال:«ما أنهر الذم وذكرت اسم الله عليه فكل ليس السن والظفر، فسأخبرك أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة» على ثلاثة أقوال: أحدها: جواز الذبح بهما منزوعين كانا أو مركبين، والثاني: أن الذبح لا يجوز بهما منزوعين كانا أو متركبين، والثالث: أن الذبح يجوز بهما إذا كانا منزوعين ولا يجوز إن كانا مركبين، وإلى هذا ذهب ابن حبيب وهو الصحيح من الأقوال من جهة المعنى واستعمال الآثار، أما المعنى فهو ما قال ابن حبيب من أن الذبح بهما إذا كانا مركبين إنما هو خنق ونهش وليس بذبح، وإذا كانا منزوعين وعظما حتى أمكن إنهار الدم بهما فهما كسواهما مما ينهر الدم وإن لم يكونا ذكيين، وأما وجه استعمال الآثار على ذلك فهو أن قول النبي، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، في حديث عدي ابن حاتم أنهر الدم بما شئت لفظ عام في جواز الذبح بكل شيء يحتمل الخصوص، ونهيه في حديث رافع بن خديج