فيه في أول سماع عيسى من كتاب الشهادات؟ فعلى القول بأن الشاهد يغرم ما أتلف بشهادته وإن ادعى أنه شبه عليه فيها يلزم أهل البصر في هذه المسألة غرم قيمة الرحى العليا إن كانت بطلت، أو غرم ما نقص من قيمتها إن كان نقص بذلك طحينها ولم يبطل جملة، وأما على القول بأن الشاهد لا يغرم ما أتلف بشهادته إذا كان قد شبه عليه فيها ولم يتعمد الزور فلا يلزمهم شيء إلا اليمين إن ادعى عليهم صاحب الرحى العليا أن ذلك كان مما لا يخفى عليهم، وأنهم تعمدوا الزور في شهادتهم على الاختلاف في يمين التهمة، وذلك إذا كان ذلك مما يمكن أن يخفى، وأما إن كان مما لا يمكن أن يخفى على أحد من الناس فيلزمهم الغرم، ولا يمكنوا من اليمين. وأما الذي بنى بحضرة صاحب الرحى العليا وعلمه فإنما قال: إن بنيانه لا يقلع ويقر على حاله من أجل أنه جعل سكوته على البنيان مع العلم به كالإذن له فيه، وهو أصل قد اختلف فيه، قوله حسبما ذكرناه في غير ما موضع من هذا الديوان، وكذلك ساوى ابن نافع أيضا بين المسألتين في أن البنيان يقلع ولا يمضي الضرر على من حصل عليه، ووجه ما ذهب إليه أنه رأى حكم السلطان بذلك خطأ منه إذ قد تبين الضرر فبان له أنه قد أخطأ في حكمه ولم ير السكوت بمنزلة الإذن، وقول ابن القاسم أصح لأنه لم يخطئ في وجه الاجتهاد وإنما أخطأ عليه الشهود، ولو أخطأ في وجه الاجتهاد مثل أن يظن أن من حقه أن يبني رحاه في حقه وإن أبطل ذلك رحى غيره لوجب عليه أن ينقض حكمه بذلك قولا واحدا، إذ لم يختلف في أنه ليس له أن يبني رحى في موضع يبطل به رحى غيره، وإنما اختلف هل له ذلك إذا كان لا يبطلها وينقص من طحينها حسبما مضى القول فيه في رسم المكاتب من سماع يحيى، وفي سماع محمد بن خالد وقول ابن وهب في الذي ترك الرجل يبني رحى في موضع يضر برحاه ثم أراد أن يقوم عليه في ذلك أنه ليس له ذلك موافق لقول ابن