قال ابن وهب: إذا رآه يبني حتى طحنت ثم أراد منعه من ذلك لم يكن ذلك له كانت رحاه قائمة أو قد خربت لأنه تركه ينفق ويحوز ما كان هو قد حازه من النهر حتى صار لغيره ثم أراد القيام عليه فيه فليس ذلك له لأن النهر موات، وقد قال عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا تحجروا على الناس.
قال محمد بن رشد: وقع في بعض الكتب في هذه المسألة زيادة متصلة بقول ابن وهب، وهي: وقال ابن وهب فيمن أحيا مواتا ثم تركه فأحيا غيره فهو لغيره، وفي قول عمر هذا بيان من هذا، قال ابن وهب: فإذا ادعى صاحب الرحى القديمة أنه إنما كان تركه إياه على غير علم بضرورته وكان ذلك لا يخفى على أحد من الناس أنه يضر لم يكن له قول، وأقرت الرحى المحدثة على حالها، وإن كان ذلك يخفى حلف صاحب الرحى القديمة وكان له أن يقلع إن شاء، وفي هذه الرواية بيان لما يتأول عليه قوله بعد هذا إن شاء الله. ومساواة ابن القاسم في هذه المسألة بين الذي يبني بأمر السلطان وحكمه، وبين الذي يبني بحضرة صاحب الرحى العليا وعلمه في أن بنيانه لا ينقض، والمعنى الموجب لذلك مختلف، أما الذي يبني بأمر السلطان وحكمه فإنما قال ابن القاسم إن بنيانه لا يقلع وتقر رحاه على حالها من أجل أن الخطأ في ذلك ليس هو منه وإنما هو من الشهود إذ شبه عليهم فظنوا أن بنيانه لا يضر بالرحى التي فوقها، فكان ذلك بمنزلة الشاهد يرجع عن شهادته بعد نفوذ الحكم فيقول: شبه علي ويدعي الوهم والغلط فمن قولهم إن الحكم لا يرد، وإنما اختلفوا في الشاهد هل يغرم التالف بشهادته أم لا حسبما مضى القول