قيل: خمسة أيام، وهو قول ابن الماجشون. وإنما قلنا على أنه يأتي على أن لأقل الحيض حدا لأنه قال: إنه إن انقطع وجب على المرأة الرجوع إلى بيتها، ووجبت لزوجها عليها الرجعة، فوجه قوله: إنه تحكم لما تراه المرأة من الدم، من أول ما تراه بأنه حيضة في الظاهر، فيوجب عليها الانتقال من مسكن الزوج، ويبيح لها التزويج على كراهة، ويمنع الزوج من ارتجاعها، إذ لا يتحقق أنها حيضة إلا بتماديها فيها، فإن لم تتماد فيها وانقطع الدم، فلم ترجع من قرب، وكانت قد تزوجت، فسخ النكاح، وصحت رجعة الزوجة إن كان قد ارتجع، وكان له أن يرتجع إن كان لم يرتجع.
وأما إن رجع من قريب فلا يفسخ النكاح وتبطل الرجعة؛ لأن الدم الثاني مضاف إلى الأول. وما بين ذلك من الطهر يلغى، وأما على مذهب من لا يوقت لأقل الحيض حدا، أو يقول: إن الدم وإن كان دفعة واحدة، يكون حيضة تعتد به المطلقة في الطلاق، ويكون استبراء في الأمة في البيع، إذا كان منفصلا مما قبله ومما بعده، وهو مذهب ابن القاسم، وروايته عن مالك في المدونة؛ لأنه قال فيها: إن الأمة المبيعة إذا دخلت في الدم من أول ما تدخل، فمصيبتها من المشتري، وقد حل للمشتري أن تقبل وأن يباشر، يجوز للمرأة أن تتزوج بأول ما تراه من الدم، ولا معنى لاستحباب التأخير في ذلك؛ لأن الدم إن انقطع لا يخلو من أن يعود عن قرب أو عن بعد، فإن عاد عن بعد انكشف أن ذلك الدم هو الحيضة الثالثة، وأن هذا الدم حيضة رابعة، وإن عاد عن قرب كان مضافا إلى الدم الأول، وعلم أنه كان ابتداء الحيضة الثالثة، وأن ما بينهما من الطهر يلغى، لا حكم له.
وسحنون يوجب عليها ألا تتزوج حتى تقيم في الدم إقامة يعلم بها أنها حيضة، ويحتج برواية ابن وهب عن مالك، في أن المطلقة لا تبين من زوجها بما تراه من أول الدم الثالث، حتى يعلم أنها حيضة مستقيمة، وأن الأمة لا تحل للمشتري في البيع ولا تدخل في ضمانه بأول الدم حتى تتمادى فيه ويعلم أنها حيضة مستقيمة.
وقد قال ابن القاسم في كتاب الاستبراء من المدونة: إن الدم يوم أو بعض يوم إذا انقطع، يريد ولم يعد حتى مضى من المدة ما يكون طهرا فاصلا يسأل النساء عنه، فإن قلن: