وتخلف العصاة، فمضى بمن أطاعه، فغنم غنائم كثيرة، وسلم هو وأصحابه، فلما رجعوا وجدوا المتخلفين عنهم بمكانهم لم يبرحوا، أترى لهم في الغنيمة حقا؟ وإن أنكروا أن يكونوا تخلفوا عنه، أيجوز شهادة من زعم أنه أجاز مع الإمام؟ أو هل يقبل قول الإمام على من تخلف، ولمن زعم أنه أجاز معه؟ فقال: إن أقروا بالتخلف أو شهد به عليهم رجلان ممن تخلف، أو ممن ليس منهم، ولا من الذين دخلوا مع الإمام، فلا قسم لهم، ولا حق في الغنيمة للذين غابوا على الذين أصابوها راضين بالتخلف عنهم؟ وإن لم يشهد عليهم بالتخلف، وأنكروا أن يكونوا تخلفوا إلا بعض الداخلين أو قول الإمام، فالقول قولهم، ولا يقبل عليهم قول الإمام إلا ببينة تشهد من غير الداخلين؛ لأن كل من دخل فهو إذا شهد عليهم جارٌّ إلى نفسه، والإمام كأحدهم. وقال ابن وهب مثله.
قال محمد بن رشد: لم يبين في الرواية إن كانت إجازة النفر على ما ذكره من كره إجازتهم من الغرر وشدة الخطر أم لا، فإن لم يكن على ذلك، وكان قولهم اعتلالا على جوازه، فلا إشكال، ولا اختلاف في أنه لا حق ولا نصيب لمن تخلف عن إجازته فيما غنمه من أجازه؛ لأنهم قد رضوا بترك حقوقهم فيما غنموه؛ إذ لا عذر لهم في ترك إجازته.
وأما إن كانت إجازة النهر على ما ذكروه من الغرر، وشدة الخطر والمهلكة، فظاهر الرواية أيضا أنه لا حق لمن تخلف عن الإجازة فيما غنمه من جازه، ولسحنون في كتاب ابنه: أنهم يدخلون معه فيما غنموه؛ لأن لهم عذرا في التخلف عن