السلطان عليه بالمال فأتى به ووقفه للغائب، وضرب له أجلا. فإن جاء وطلبه أخذه، وإن قال: قد كنت تقاضيه، أو لم يأت إلى الأجل رد إلى الغريم، وإن كان بعيدا لم يوقف له شيء ولم يعوض للغريم إلا بتوكيل. قال: ولو كان حين جحده الغريم فأمكن من إقامة البينة عليه أقام شاهدا واحدا وعجز عن آخر حلف الغريم وبرئ إلى قدوم الغائب، فإن قدم حلف مع شاهده وأخذ حقه، وإن نكل لم يكن له شيء، وإن نكل الغريم أولا أخذ منه الحق معجلا ووقف للغائب فإذا قدم أخذه بلا يمين، كالصغير والسفيه يقوم له على حقه شاهد واحد، وكذلك قال في الحيوان والعروض إنه لا يمكن أحد من طلب ذلك للغائب دون توكيل إلا فيما قربت غيبته. قال: ولو كان المطلوب بالدين مقرا به ترك، ولم يعرض له كانت غيبة الأب قريبة أو بعيدة إلا بتوكيل. وقول مطرف هذا في الدين هو نحو ما حكى ابن عبدوس عن سحنون أن من غاب في سفره وترك ماله أو عقاره بيد أحد أن السلطان لا يعرض له، قال: ولو كان لم يتركه بيد أحد فقام عليه رجل فأخذه، فإن القاضي ينتزعه منه ويوكل عليه، ولا يمكن أهل العداء من عدائهم، وقال ابن كنانة: ذلك إلى اجتهاد السلطان.
قال محمد بن رشد: وإنما لا يعرض السلطان لمن غاب وترك مالا له بيد رجل أو دينا له قبله إذا سافر كما يسافر الناس، وأما إذا طالت غيبته وانقطع خبره فالسلطان ينظر له ويحرز عليه ماله، على ما وقع في كتاب طلاق السنة من المدونة. وأما قول سحنون: إذا لم يكن المال في يديه بخلافه أن السلطان ينتزعه منه ويوكل عليه فهو على أصله في أن الأجنبي يمكن من الخصومة عن الغائب دون توكيل. وقد مضى القول في تحصيل الاختلاف في ذلك وبالله التوفيق.