للذي يصلي بالليل في منزله أن يرفع صوته بالقرآن. وكان الناس إذا أرادوا سفرا تواعدوا لقيام القرآن وبيوتهم شتى، وكانت أصواتهم تسمع بالقرآن، فأنا أستحب ذلك.
قال محمد بن رشد: استحب مالك صلاة النافلة بالنهار في المسجد على صلاتها في البيت؛ لأن صلاة الرجل في بيته وبين أهله وولده وهم يتصرفون ويتحدثون ذريعة إلى اشتغال باله بأمرهم في صلاته، ولهذه العلة كان السلف يهجرون ويصلون في المسجد، فإذا أمن الرجل من هذه العلة فصلاته في بيته أفضل؛ لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أفضل الصلاة صلاتكم في بيوتكم إلا الصلاة المكتوبة» ؛ لأنه حديث صحيح محمول على عمومه في الليل والنهار مع استواء الصلاة في الإقبال عليها وترك اشتغال البال فيها؛ وقد سئل مالك في أول الرسم بعد هذا عن الصلاة في مسجد النبي، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، في النوافل، أفيه أحب إليك أم في البيوت؟ قال: أما الغرباء فإن فيه أحب إلي، يعني بذلك الذين لا يريدون إقامة، فدل هذا من قوله أن الصلاة بالنهار في البيوت لغير الغرباء أحب إليه من الصلاة في المسجد.
ومعنى ذلك إذا أمنوا من اشتغال بالهم في بيوتهم بغير صلاتهم، وأما إذا لم يأمنوا ذلك فالصلاة في المسجد أفضل لهم، فقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من ركع ركعتين لا يحدث نفسه فيهما بشيء غفر له ما تقدم من ذنبه» . وإنما كانت صلاة النافلة للغرباء في مسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفضل منها لهم في بيوتهم بخلاف المقيمين؛ لأن الصلاة إنما كانت أفضل في البيوت منها في مسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفي جميع المساجد من أجل فضل عمل السر على عمل العلانية، قال الله