وجب عليه عين فأخرج حبا؟ قال: يعيد، قيل له: فإن أخرج في زكاة الفطر عينا؟ قال: يعيد، قيل له: فإن أخرج في زكاة الفطر عدسا، أو حمصا - وذلك عيش أهل تلك البلدة؟ قال: هذا لا يكون، ولو كان ذلك عيشهم، رجوت أن يجزئ عنهم.
قال محمد بن رشد: وجه تفرقة ابن القاسم بين أن يخرج عن العين حبا، أو عن الحب عينا؛ هو أن العين أعم نفعا؛ لأنه يقدر أن يشتري به ما شاء من جميع الأشياء، والحب قد يتعذر عليه أن يشتري به شيئا آخر حتى يبيعه بعين فيُعْنَى من ذلك ولعله يبخس فيه، وقال ابن حبيب: إنه لا يجزيه في الوجهين - جميعا، إلا أن يجب عليه عين فيخرج حبا - إرادة الرفق بالمساكين عند حاجة الناس إلى الطعام - إذا كان عزيزا غير موجود، وقال ابن أبي حازم، وابن دينار، وابن وهب، وأصبغ: لا أحب له أن يفعل ذلك أبدا، فإن فعل وكان فيه وفاء لما كان وجب - أي ذلك كان - أجزاه، وهذا القول أظهر الأقوال؛ ووجه الكراهية في أن يخرج خلاف ما كان عليه، وإن كان فيه وفاء بما عليه، ما في ذلك من معنى الرجوع في الصدقة؛ لأنه قد اشترى الصدقة التي كانت عليه بما دفع فيها، وليس ذلك بحقيقة الرجوع فيها، إذ لم يدفعها بعد، وأيضا فإن الحديث إنما جاء في صدقة التطوع، وقد روي إجازة ذلك عن جماعة من السلف، منهم: عمر بن الخطاب، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وعمر بن عبد العزيز، وأبو الزناد، ووجه تفرقة ابن القاسم بين أن يُخرج العين عن الحب، أو عن زكاة الفطر هو أن زكاة الفطر قد جاءت السنة بتسمية ما يخرج منه، فلا يتعدى ما جاءت به السنة في ذلك، وقد مضى في رسم "حلف" من سماع ابن القاسم - القول فيما تؤدى منه زكاة الفطر، فلا معنى لإعادته.