لأن الوجه فيه - إن لم يأخذه أحد، أن يحرق ولا يترك للعدو ينتفعون به؛ فلما كان هذا هو الوجه فيه، وجب أن يكون لمن أخذه وانصرف إلى بلده حلالا، ولا يكون عليه أن يتمخى من شيء منه، والأصل في هذا قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - في ضالة الغنم:«هي لك أو لأخيك أو للذئب» . هذا فيما تقرر الملك عليه، فكيف بما لم يتقرر عليه الملك للمسلمين، لكونه بعدُ في حوزة المشركين، وكذلك إن أخذ ذلك أحد فحازه، ثم عجز عن حمله فألقاه وتركه، كان لمن أخذه بعده فاحتمله، ولا اختلاف في هذا - أعلمه، وإنما اختلفوا فيمن صار إليه شيء من غنائم المسلمين باشتراء أو قسم، فضعف عن حمله وتركه على وجه اليأس منه في حوزة العدو، فوجده أحد من الناس فأخذه واحتمله، فقيل هو كالأول يكون لمن أخذه واحتمله - وإن كان مما له ثمن من السبي والمتاع، وهو قول ابن حبيب؛ وقيل إنه للأول - وعليه أجر الحمل والمؤنة، وهو قول أصبغ، وسحنون؛ وجه القول الأول أن الأول لم يملكه ملكا تاما فأشبه ما أخذه مما أسلم وترك من غنائم المسلمين بغير شراء ولا قسم؛ ووجه القول الثاني: أن الأول لما كان قد اشتراه أو صار له في سهمه، كان لمن وجده فاحتمله - حكم الشاة الضالة يجدها الرجل في الفيفاء فيقدم بها إلى الأحياء، أن ربها بها أولى؛ وأما إن كان ترك ذلك في حوزة الإسلام، فهو للذي تركه، وعليه مؤونة حمله قولا واحدا؛ قال ابن حبيب: فإن كان في ذلك شيخ أو عجوز فهم أحرار؛ لأن تركه مثل أولئك، إنما هو على وجه التخلية لهم والتحرير، وأما ما كان من متاع العدو يقبله الإمام ولا يضعف عن حمله، وله