عليهم؛ أفرباطها أعجب إليك؟ أم الدخول في أرض الروم؟ قال: ما زالت الولاة يضيعون مثل هذا، وما يدفع الله أكثر، وما في هذا حد، وما زال الله يدفع وما في هذا حد، إلا على ما يرى من ذلك.
قال محمد بن رشد: قوله إن السير في أرض العدو على إصابة السنة أعجب إلي من الرباط، وهو مثل ما روي عن ابن وهب أنه قال: سمعت مالكا يقول: الغزو على الصواب، أحب إلي من الرباط؛ والرباط أعجب إلي من الغزو على غير الصواب؛ ولا إشكال في أن الرباط أفضل من الغزو على غير الصواب، فقد قال معاذ بن جبل: الغزو غزوان: فغزو تنفق فيه الكريمة وتياسر فيه الشريك، ويطاع فيه ذو الأمر، ويجتنب فيه الفساد؛ فذلك الغزو خير كله؛ وغزو لا تنفق فيه الكريمة، ولا تياسر فيه الشريك، ولا يطاع فيه ذو الأمر، ولا يجتنب فيه الفساد، فذلك الغزو لا يرجع صاحبه كفافا، وإنما الكلام في الغزو على الصواب، فجعله مالك في هذه الرواية أفضل من الرباط. وروي عن عبد الله بن عمر أنه قال: فرض الجهاد لسفك دماء المشركين، والرباط لحقن دماء المسلمين، فحقن دماء المسلمين أحب إلي من سفك دماء المشركين؛ ولا ينبغي أن يحمل هذا على أنه اختلاف من القول، إذ لا يصح أن يقال إن أحدهما أفضل من صاحبه على الإطلاق، وإنما ذلك على قدر ما يرى وينزل، فيحمل قول ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - على أن ذلك عند شدة الخوف على الثغور، وخوف هجوم العدو عليها، وما روي عن مالك من أن الجهاد أفضل عند قلة الخوف على الثغور، والأمن من هجوم العدو عليها، وذلك بين من قول مالك في هذه الرواية، لما ذكر له تضيع المدائن التي على البحر، والخوف على (من فيها) من النساء والصبيان؛ قال: ما في هذا حد، إلا على ما يرى من ذلك؛ ومن قوله في رسم "صلى نهارا ثلاث ركعات" بعد هذا: أن