والفروسية والنكاية للمسلمين، قتله ولم يستحيه، وإن لم يكن على هذه الصفة وامتدت عليه غائلته وله قيمة استرقه للمسلمين، أو قبل فيه الفداء، إن بذل فيه أكثر من قيمته، وإن لم تكن له قيمة ولا فيه محمل لأداء الجزية، كالزمنى أعتقه؛ وإن لم تكن له قيمة وفيه محمل لأداء الجزية، عقد له الذمة، وضرب عليه الجزية، واختلف قوله - إذا لم يتعرف حاله: هل هو من أهل النجدة والفروسية، أو له غائلة، أم لا؟ فمرة قال: إنه لا يقتل إلا أن يكون معروفا بالنجدة والفروسية، أو تعرف له غائلة، ومرة قال: إنه يقتل ويحمل إن لم يكن معروفا بالنجدة والفروسية على أن له غائلة؟ وهو الذي ذهب إليه عمر بن الخطاب في هذا الحديث، وإن رأى الإمام باجتهاده مخالفة ما وصفناه من وجوه الاجتهاد، كان ذلك له، مثل أن يبذل الفارس المعروف بالنجدة والفروسية في نفسه المال الواسع الكثير، فيرى الإمام أخذه أولى من قتله، لاستعانته بذلك على جهاد المشركين، وما أشبه ذلك من وجوه الاجتهاد؛ فهذا تحصيل القول في حكم الأسارى على مذهب مالك. ومن أهل العلم من قال: إن الأسير يقتل على كل حال، لقوله عز وجل:{فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ}[الأنفال: ٥٧]- الآية، ومنهم من ذهب إلى أنه لا يجوز قتل الأسير - صبرا، لقوله عز وجل:{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}[محمد: ٤] . والصحيح ما ذهب إليه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لأن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قتل وأسر، فوقع فعله موقع البيان لما في القرآن؛ لأن قَوْله تَعَالَى:{فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ}[الأنفال: ٥٧]- الآية، معناه قبل الإثخان. وقوله عز وجل:{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ}[محمد: ٤]- الآية، ليس على