للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن رشد: إنما قال رسول الله عليه السلام في خيبر «اللهم افتح عليهم اليوم أكثرها طعاما وودكا» ؛ لأنه كان لخيبر حصون كثيرة، ففتح الله عليهم ذلك اليوم بدعاء النبي عليه السلام خيبر نفسها، ولا شك أنها كانت أكثرها طعاما وودكا، وقد قيل في حصن الصعب بن معاذ إنه لم يكن في حصون خيبر أكثر طعاما وودكا منه، وكانت خيبر نفسها أكثر طعاما وودكا منه؛ بدليل الحديث المذكور - والله أعلم - وقول مالك في خيبر إنها افتتحت بقتال شيء يسير منها - يريد إنما قوتل اليسير من حصونها، وأكثرها غلبهم عليها المسلمون دون مناصبة لقتال، فخمس جميع ذلك؛ إذ كان مما أوجف عليه بالخيل والركاب - وإن لم يكن في بعضها قتال، وإنما كان عنوة بغير قتال، وقوله إلا ما كان منها عنوة أو صلحا، فإن ذلك لم يخمس وهو يسير. معناه: إلا ما كان منها عنوة وصلحا؛ لأن أو قد تكون بمعنى الواو، قال تعالى: {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: ٢٤]- " يريد آثما ولا كفورا. وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث الجهاد - مع ما نال من أجر أو غنيمة. يريد من أجر وغنيمة؛ لأن الغنيمة لا تحبط الأجر، فالمراد بقوله إلا ما كان منها عنوة أو صلحا. أي إلا ما اجتمع فيه الأمران جميعا؛ لأنهم لما خافوا الغلبة وأيقنوا بها، أرسلوا إلى النبي عليه السلام في أن يصالحهم على أن يحقن لهم دماءهم، ويخلوا له الأموال، ففعل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان ذلك في حصنين من حصونهم الوطيح، والسلاليم، فكان لهذين الحصنين حكم ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب - على ما ذهب إليه مالك، وابن شهاب؛ فلم تخمس، ولا كان لأحد فيها مع رسول الله عليه السلام شيء، فقطع منها لأزواجه على ما قال في آخر السماع، وكذلك الكتيبة قيل فيها، إنها كانت صلحا صافية لرسول الله،

<<  <  ج: ص:  >  >>