إلى أن العنوة على وجهين، فما كان منها بقتال يخمس وتكون الأربعة الأخماس بين الموجفين، وما كان منها بغير قتال، فهو كالصلح يكون فيئا ولا يخمس، وقال: إن ذلك معنى ما في المدونة، وتبينه رواية أشهب هذه؛ وتؤول أن معنى قوله فيها افتتحت خيبر بقتال شيء يسير منها، أن القتال كان يسيرا، والإصابة كثيرة؛ وقال: إن الذي دل عليه قول مالك، وابن شهاب فيها، أنه افتتح أكثرها عنوة بقتال، وهو الذي خمسه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقسمه، وافتتح بقيتها - وهو اليسير منها بعضه عنوة بغير قتال، وبعضه صلحا، فلم يخمس وكان صافيا لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقوله فيما ذهب إليه من تفصيل العنوة بعيد من الصواب. وقول مالك قسمت خيبر ثمانية عشر سهما، يريد إلا ما كان منها صلحا على سبيل العنوة بغير قتال، فلم يخمس ولا قسم على ما تقدم من قوله، وعلى ما يأتي له في آخر السماع؛ وقد مضى في رسم "البز" من سماع ابن القاسم، القول في وجه قسم رسول الله عليه السلام أرض خيبر على مذهب مالك، وما ذكر من الاختلاف في ذلك، وقول مالك: إن صدقات رسول الله عليه السلام كانت [من أموال بني النضير، ولم تخمس؛ لأنها] صافية، يبين أن ما وقع في المدونة من أنه قسم النضير بين المهاجرين وثلاثة من الأنصار، معناه ما بقي بعد صدقاته منها، وإنما خص بذلك المهاجرين دون الأنصار، حاشا سهل بن حنيف، وأبا دجانة، والحارث بن الصمة؛ لأنه كان شرط على الأنصار في بيعة العقبة أن يواسوا من يأتيهم من المهاجرين، فكانوا يكفونهم المئونة، ويقاسمونهم في الثمر، فلما جلى بنو قينقاع وبنو النضير، قال لهم رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: