الخوف، فأراه لجماعة الجيش، إلا أن يعلم أن ذلك إنما هو من قبل قرابة أو مكافأة كوفئ بها؛ فأراها له خاصة - إذا كان كذلك؛ ومثل الرومي يسلم فيولى فيدخل فيهدي (له) القرابة وما أشبه ذلك، قيل له: فالرجل من الجيش تأتيه الهدية، قال: هذا له خاصة لا شك فيه؛ ومثل أن يحلوا بحصن فيعطيه بعض أقاربه المال - وهو من الجيش، فهو له خاص.
قال محمد بن رشد: قال في الهدية تأتي الإمام في أرض العدو إنها لجماعة الجيش، إلا أن يعلم أن ذلك من قبل قرابة أو مكافأة - ولم يفرق بين أن تأتيه من الطاغية، أو من رجل من الحربيين، وذلك يفترق، أما إذا أتته من الطاغية، فلا اختلاف في أنها لا تكون له، واختلف هل تكون غنيمة للجيش، أو فيئا لجميع المسلمين؛ فقال: ههنا إنها تكون للجيش - يريد غنيمة لهم، وتخمس، وقيل إنها تكون فيئا لجميع المسلمين لا خمس فيها كالجزية، وهذا يأتي على ما حكى ابن حبيب فيما أخذه والي الجيش صلحا من بعض الحصون التي نزل عليها، وأما ما أتته من رجل من الحربيين، فقد روي عن أشهب أنها تكون له إذا كان الحربي لا يخاف منه، واختلف إذا أتت الأمير الهدية من الطاغية أو غيره من العدو قبل أن يدرب في بلاد العدو، فحكى الداودي في كتاب الأموال أنها تكون له، والصحيح المشهور المعلوم أنها تكون فيئا لجميع المسلمين، وأن الأمير في ذلك بخلاف النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فيما قبل من هدايا عظماء الكفار، ككسرى، والمقوقس صاحب مصر، وملك ذي يزن، والنجاشي، وغيرهم؛ لأن الله اختصه في أموال الحرب بخاصة، خالف فيها بينه وبين غيره من أمته، بما نصره به من الرعب، فقال: