فلا أرى أن يقبل ذلك منه، وأراه رقيقا يرى الإمام فيه رأيه بالاجتهاد، وليس هو لمن أخذه؛ ولا أرى أن يقتل إلا أن يعلم أنه أتى جاسوسا يتجسس عورات المسلمين ليطلع عليها.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة فيها اختلاف كثير، وتحصيله مخلصا مقربا: أن فيها ثلاثة أقوال، أحدها: أنه لا يقبل قولهم فيما ادعوا من أنهم جنحوا إلى الإسلام، أو جاؤوا يطلبون الفداء أو التجارة - بعد أن يؤخذوا إذا لم يظهروه قبل أن يؤخذوا، ويكونون فيئا للمسلمين؛ يرى فيهم الإمام رأيه: إن شاء قتل، وإن شاء استرق؛ وسواء أخذوا في بلد الإسلام، أو قبل أن يصلوا إلى بلد الإسلام؛ وسواء كانوا من أهل بلد عودوا الاختلاف إلى بلاد المسلمين المثل ما ادعوا، أو لم يعودوا - وهو قول أشهب في الواضحة وغيرها. والثاني أنه يقبل قولهم أو يردوا إلى مأمنهم، أن يتبين كذبهم فيما ادعوا، مثل أن يقولوا نحن تجار أردنا التجارة - وليس معهم أسباب التجر، ومعهم السلاح؛ قيل إذا أخذوا قبل أن يصلوا إلى بلاد المسلمين؛ وأما إن أخذوا في بلاد المسلمين، فهم فيء للمسلمين، وهو قول يحيى بن سعيد في المدونة، وظاهر قول مالك فيها، وقول سحنون، وقيل إن أخذوا في بلاد المسلمين - إذا كان أخذهم بحدثان قدومهم، وهو قول ابن القاسم في هذه الرواية. وقيل وإن أخذوا بعد أن طال مقامهم في بلاد المسلمين، إلا أن يتبين كذبهم، وهو ظاهر قول ابن القاسم في أول رسم "الصلاة" من سماع يحيى. والقول الثالث أنهم إن كانوا من