يصيبهما المسلمون، ولا يدعيان شيئا حتى تجرى عليهما المقاسم، ويتداولهما المشترون؛ ثم يثبت أمرهما ويظهر ويعرف؛ وهل الكبير والصغير في هذا سواء؟ قال ابن القاسم: لا أرى عليهما غرم شيء من أثمانهما، وهما بمنزلة الصغير في ذلك - إذا كان ممن يجهل مثل هذا، ولا يعلمان بأنهما لا يسترقان، ويظنان أن ذلك عليهما، ويعذران في ذلك، فإن كانا ممن لا يعذران في ذلك وسكتا على علم، وتعمدا ذلك؟ رأيت عليهما غرم أثمانهما؛ وإن كانت الجارية قد وطئت في ذلك، لم أر عليها شيئا - إذا عذرت بنحو ما أخبرتك من الجهالة والتأويل والنسيان؛ وقد قال في سماع يحيى بن يحيى من كتاب يشترى الدور والمزارع، ليس اشتراؤه إياهما في الأسر بمنزلة اشترائه إياهما في المغانم؛ لأنهما في أرض العدو في رق استنقذهما منه، وهما حين صارا بأيدي المسلمين فقد خرجا من ذلك الرق، وصارا إلى الحرية التي كانا عليها؛ قال يحيى: قلت لابن القاسم فما ترى في حق المشتري إن كان أخذهما في سهامه، أو اشتراهما في المقاسم؟ قال: أراها مصيبة دخلت عليه، إلا أن يدرك ذلك قبل القسم فيسقط عنه الثمن.
قال محمد بن رشد: لا اختلاف إذا عذرا بجهل أنه لا شيء عليهما، وإنما اختلف قول ابن القاسم إذا لم يعذرا بجهل وسكتا - وهما يعلمان أن الاسترقاق لا يلزمهما، فأوجب عليهما في رواية عيسى عنه غرم أثمانهما للمشتري إن فات القسم، ولم يكن له على من يرجع، ولم يوجب ذلك له عليهما في رواية يحيى، وهو قول سحنون، واختيار ابن المواز،