وقهر لمن جاورهم من أهل الجزية ومن مثلهم هرب وخيف، غير أنه لا يعرف ما ادعوا مما خافوا، وهل أريد بهم سوء أم لا؟ فقال: إن عرف التصديق في ناحية ما شكوا مما خافوا؛ لسوء الذين خافوا وقدرتهم على من أرادوا ظلمه أخرجهم كرها، أو يكونوا في يده لجورهم واستحلالهم للتعدي على من جاورهم، فلا أرى أن يباعوا ولا يستحلفوا، وليصدقوا للذي عرف من ظلم الذين خافوا على أنفسهم، وليردوا إلى جزيتهم إن كان الذي أتى بهم إليه يقوى على دفع الظلم عنهم، والوفاء بالعهد لهم، وإن لم يأمن عليهم ظلم الذين هربوا خوفا منهم، أو ظلم غيرهم من أشباههم، فليخل سبيلهم ليسيروا حيث أحبوا إلى أرض عدو وغيرها، قال أصبغ: وإن أشكل أمرهم فكذلك أيضا لا يستحلوا حتى يتبين أنهم نقضوا العهد على غير شيء من تحت إمام عدل.
قال محمد بن أحمد: قول أصبغ تفسير لمذهب ابن القاسم؛ لأن الذمة قد انعقدت لهم، فلا تنقض إلا بيقين، والمسألة كلها صحيحة على مذهب مالك وأصحابه حاشى أشهب، في أن أهل الذمة إذا خرجوا ومنعوا الجزية، ونقضوا العهد من غير ظلم يركبون به أنهم يصيرون حربا وعدوا، ويجوز سبيهم واسترقاقهم، وقد مضى القول على هذأ في رسم الجواب، من سماع عيسى، فلا وجه لإعادته.