قال محمد بن رشد: وقع في بعض الكتب قدمه، وفي بعضها قدميه في الموضعين، والذي تستقيم به المسألة على ظاهر اللفظ أن يكون الأول قدميه بالتثنية، والثاني قدمه بالإفراد، إذ يبعد أن يقول: أحب إلي أن يغسل قدمه بالإفراد؛ لأن ذلك عنده لا يجزئ دونه، ومتى لم يفعل انتقض وضوؤه، وإنما يصح أن يتعلق الاستحباب عنده بخلعهما جميعا، فلما استحب أن يخلعهما جميعا قيل له: أيجزئ عنه أن يغسل قدمه الواحدة مكانه الذي خلع الخف منه لإخراج الحصاة، قال: نعم. فإذا جاز على هذه الرواية أن يغسل الرِّجْل التي خلع منها الخف، ولا يخلع صاحبه، فأحرى إذا لبس خفين على خفين، فمسح على الأعليين، ثم نزع فردا واحدا منها أن يجزئه أن يمسح على الخف الذي تحته ولا يخلع صاحبه.
وقال ابن حبيب: لا بد له من خلع صاحبه في المسألتين جميعا، ومذهب ابن القاسم الفرق بين المسألتين؛ لأن عيسى روى عنه في الخفين على الخفين إذا نزع فردا من الأعليين، وقد مسح عليهما أنه يجزئه أن يمسح على الذي تحته وحده ولا يخلع صاحبه، وروى عنه أبو زيد في الخفين على القدمين إذا مسح عليهما فانخرق أحدهما أنه ينزعهما جميعا ويغسل رجليه، فتحصل في الجملة ثلاثة أقوال، وفي كل مسألة على انفراد قولان، فقف على ذلك، وإنما قال إذا نزع خفيه وقد مسح عليهما: إنه يغسل رجليه ولا ينتقض وضوؤه خلافا لما حكي له عن بعض أهل العراق قياسا على الجبيرة إذا مسح عليها في غسله، ثم برأ أنه يغسل ذلك الموضع ولا ينتقض غسله.