قال: لا يقتل ولكن يجبر على الإسلام بالضرب والتهديد والغلظة والشدة من الإمام عليه، ويكون حرا لا يسترق ولا يكون فيئا للذين أصابوه، وذلك أنه ولد في دار الإسلام فأصابه العدو أو خرج به أبواه، فهو من أبناء المسلمين الأحرار.
قال محمد بن أحمد: اختلف إذا أمن الرجل على أنه حربي، فانكشف على أنه مرتد أو عبد لمسلم أو ذمي، فقيل: له الأمان، ولا يستتاب إن كان مرتدا، ولا يرد إلى سيده إن كان عبدا، وهو قول ابن القاسم، هذا واحد قولي أشهب، وقيل: لا أمان له، وإن اشترط أن لي الأمان وإن كنت مرتدا أو عبدا، وإلى هذا ذهب ابن حبيب في الواضحة، وحكاه عن مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ وأشهب، وقيل: لا أمان له إلا أن يشترط، روي ذلك عن ابن القاسم، وهو دليل قول الأوزاعي وسحنون، ومن يرى أن المحارب من المسلمين إذا امتنع فأمن على أن ينزل أن له الأمان، وما ذهب إليه ابن حبيب أظهر الأقوال؛ لأنه إن لم يشترط فلا يكون له الأمان، إذ قد انكشف من حاله خلاف ما أمن عليه، وإن اشترط فالشرط إنما هو إبطال حد الله فيه إن كان مرتدا، وإبطال حق صاحبه فيه إن كان عبدا، وذلك مما لا يجوز.
وأما قوله: إن كان أبواه مسلمين أصابهما العدو، فولد في أرض الشرك فتنصر، وترك دين أبويه وأخذ بغير عهد؛ أنه لا يستتاب، وحاله حال الأسير إن رأى الإمام أن يقتله قتله، وإن رأى أن يبقيه كان فيئا لمن أصابه، فالوجه فيه أنه حكم له بحكم الدار في الكفر لا بحكم أبويه في الإسلام، فغلب حكم الدار على حكمهما الذي هو أن يكون الولد مثلهما بإسلامهما، وجعل الدار له بمثابة أن لو كان أبواه كافرين في أنهما «يهودانه أو ينصرانه» ، كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحديث المشهور