قال: إن كان الرسول ذهب إلى ما أمر به، وجاء فوجد أصحابه قد ذهبوا عنه فسهمانه فيما أصابوا واجب، وإن كان قعد عنهم تاركا لهم مستقلا عنهم إلى الذي أقام عندهم، فلا حق له فيما غنم أصحابه الذين تركهم.
محمد بن أحمد: هذا بين على ما قال؛ لأن الرسول إنما أرسلوه فيما يخصهم من أمر عدوهم، فإذا لم ينتقل عنهم إلى غيرهم وذهب لما أمر به، فقدم عليهم بعد أن غنموا، فسهمانه في ذلك واجب؛ لأنه كان معينا لهم في مغيبه عنهم، وكذلك لو أرسلوه قبل خروجهم فيما يخصهم من أمر عدوهم على أن يلحقهم فلم يدركهم إلا بعد أن غنموا، لوجب أن يكون له سهمه معهم في ذلك، وإنما اختلف أهل العلم من هذا المعنى في المدد يقدم على العسكر بأرض الحرب بعد الغنيمة، فذهب مالك والشافعي إلى أنه لا حق لهم في الغنيمة، وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنهم يشركونهم في الغنيمة؛ لأنهم ما كانوا ببلد الحرب لا يأمنون أن يطرأ عليهم من العدو من ينتزع الغنيمة منهم، والحجة لمالك ما روي عن أبي هريرة قال:«بعث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبان بن سفيان على سرية من المدينة قبل نجد، فقدم أبان وأصحابه على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخيبر بعدما افتتحت، وسألوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يقسم لهم، فلم يقسم لهم شيئا» .