جميعا. قال أصبغ: وقد بلغني أن عمر بن عبد العزيز كتب ألا تقاتلوهم حتى تدعوهم؛ فإنا إنما نقاتلوهم على الدين، وإنما تخيل إليهم وإلى كثير منا، أنا إنما نقاتلوهم على الغلبة، فلا تقاتلوهم حتى تبينوا لهم.
قال محمد بن رشد: الكفار في حكم دعائهم إلى الإسلام قبل القتال على ثلاثة أقسام: أحدها: أن يكونوا ممن لم يبلغه أمر النبوة والإسلام. والثاني: أن يكونوا قد بلغه أمر النبوة والإسلام، إلا أنهم يجهلون أنهم إنما يقاتلون ليدخلوا في الإسلام، أو يؤدوا الجزية، ويظنون أنهم يقاتلون ليغلبوا ويسترقوا لا لما سوى ذلك. والثالث: أن يكونوا يعلمون أنهم إنما يقاتلون على الإسلام؛ ليدخلوا فيه أو يؤدوا الجزية.
والدعوة في القسم الأول والثاني واجبة قبل القتال في الجيوش، إلا أن الحكم يفترق فيهما، إن قوتلوا قبل، بين أن يدعوا ويسبوا، فلا يمضي ذلك في أهل القسم الأول، ويمضي في أهل القسم الثاني. وقد قال جل أهل العلم: إن دعوة الإسلام قد بلغت جميع العالم، فعلى هذا يسقط القسم الأول، وهي في القسم الثالث غير واجبة على السرايا، لا يلزم أن يتقدم إليهم قبل بعث السرايا إليهم؛ لعلمهم بما يتقدم به إليهم. وذلك جائز للإمام أن يفعله إن شاء، وأما أمير السرية إذا دخل، فلا يجوز له الدعوة ولا يحل؛ لأن في ذلك تجليبا للعدو على نفسه وإهلاكا لها، واختلف في وجوبها على الجيوش والصوائف، فأوجبها أصبغ في هذه الرواية، ظاهر قوله، وإن لم يرجوا أن يستجيبوا لهم إذا دعوهم، وقد قيل: إنه إنما يجب عليهم أن يدعوهم إذا رجوا أن يجيبوهم إذا دعوهم، أو أيقنوا