دنانيره، خلاف قول ابن القاسم، فلا اختلاف في أنه حانث إذا أقاله، وقيمتها أقل من الثمن، قال ابن أبي حازم في المدنية، إلا أن يكون حلف ألا يضع له، وهو ينوي الإقالة، فإن نوى أن يقيل، ولا يضع، فلا شيء عليه.
قال عيسى: قال ابن القاسم: لا تنفعه النية إلا أن يتكلم بها حين حلف، وقول ابن القاسم: إن النية لا تنفعه في ذلك، إلا أن يتكلم بها؛ صحيح على ما قاله ابن المواز، في أن الاستثناء بإن وبإلا لا بد فيه من تحريك اللسان باتفاق؛ لأن النية هاهنا ليست بنية، وإنما هي استثناء بإلا أن، كأنه قال: والله لا أضع عنك من ثمنها شيئا، إلا أن أقيلك منها، وقول ابن أبي حازم خلاف لما حكى ابن المواز أنه اتفاق، وقد ذهب الناس ممن لم ينعم النظر إلى أن قول مالك في المدونة في الذي يحلف ألا يفارق غريمه، فيفر منه، أنه حانث إلا أن يكون نوى إلا يفارقه مثل ما يقول الرجل: لا أخلي سبيلك إلا أن تفر، فلا شيء عليه، مخالف لما قاله ابن المواز في أن الاستثناء بإلا أن لا بد فيه من تحريك اللسان باتفاق، ولم يقل مالك: إنه إن نوى ألا يفر غريمه، فلا شيء عليه، وإنما قال: إن نوى ألا يفارقه، فهو في المعنى مثل أن يقول بلسانه: لا أخلي سبيلك إلا أن تفر، فلا يكون عليه شيء، وقوله بين؛ لأن المفارقة مفاعلة منهما جميعا، فإذا نوى هو بقوله لا أفارق غريمي لا أفارقه أنا في خاصتي، لم يكن عليه شيء إن فر عنه غريمه؛ لأنه يحصل بما نواه كالقائل: لا أفارق غريمي إلا أن يفر عني، ولو حلف ألا يفارق غريمه، ونوى إلا أن يبدو له، أو إلا أن يرى خيرا من ذلك، وما أشبه ذلك؛ لم ينتفع بذلك على مذهب مالك، وما قاله ابن المواز، واختلف إذا حلفه أن لا يضع عنه فأنظره؛ ففي أول رسم الأقضية الثالث، من سماع أشهب، من كتاب الأيمان بالطلاق، ما يقوم منه أنه لا حنث عليه، وروى ابن وهب، عن مالك أنه حانث وقال: رب نظرة خير من وضيعة، وحكى عنه ابن حبيب مثل ذلك، ولو حلف ألا ينظره فوضع عنه لم يحنث، ولا أعلم في ذلك خلافا.