قال محمد بن أحمد: استحب ابن القاسم ألا ينتقل حتى يبلغ الشهر، ليكون ذلك أبرأ من الحنث؛ لأن الشهر قد جعل حدا في وجوه كثيرة من العلم، من ذلك الزكاة لا يقدم قبل محلها بشهر، والمعتق إلى أجل ينتزع ماله قبل حلول أجله بشهر، والذي يحلف أن يطيل هجران رجل يبر بشهر، ونحو ذلك كثير، ولم ير عليه حنث إن رجع بعد خمسة عشر يوما، وكذلك لو رجع بعد أن أقام أكثر من يوم وليلة؛ لم يحكم عليه بالحنث، فقد قال ابن المواز في ذلك، في الذي يحلف أن يخرج من المدينة: إن القياس فيه ألا يلزمه أن يخرج إلا إلى مكان لا يلزمه أن يأتي منه إلى الجمعة، فيقيم فيه ما قل أو كثر، وما قيل فيه سوى هذا فهو استحسان، وسنتكلم على هذه المسألة، إذا مررنا بها في رسم الطلاق الأول، من سماع أشهب، من كتاب الأيمان بالطلاق، إن شاء الله، وسيأتي في آخر رسم منه إذا حلف الرجل: لينتقلن عن جاره على ما هو محمول القول في ذلك، إن شاء الله، واختلف إذا أبى المحلوف عليه بالانتقال من الانتقال، وكان ممن ليس للحالف أن يجبره على الانتقال على قولين؛ أحدهما: أنه يضرب له من الأجل بقدر ما يرى أن الحالف أراده بيمينه، فإن انتقل إلى ذلك الأجل وإلا حنث الحالف، واختلف إن كانت اليمين بالطلاق، هل للحالف أن يطأ في التلوم؟ فإن كان أجل التلوم من أربعة أشهر دخل على الحالف الإيلاء على القول بأنه لا يطأ. والقول الثاني: أنه كالحالف على فعل نفسه، يؤمر المحلوف عليه بالانتقال، ولا يجبر على ذلك، ولا يضرب له في ذلك أجل، ولا يحنث الحالف إلا بموت المحلوف عليه، فإن كانت يمينه بالطلاق، لم يكن له أن يطأ وضرب له أجل الإيلاء إن طلبت امرأته ذلك.