خماري فلما كان بعد ذلك طرحت الخمار عني وأقبلت على عمل بيتي، فجاءني ابني فقال: هات الدراهم الخمسة التي استخبأتك، فقالت له: ما استخبأتني شيئا إلا التي رددت عليك، فقال: بل رددت علي الدنانير والدراهم ثم استخبأتك بعد ذلك خمسة دراهم، فقالت: لا والله، فقال: انظري إن كنت خبأتها في الفراش أو الخصفة، فقلت: علي المشي إلى مكة إن كنت خبأتها في فراش أو خصفة أو شيء، ثم ذهبت أطلب فوجدتها في خماري كما جعلتها فذكرتها، فما ترى علي؟ فقال لها: أليس إنما حلفت ناسية لإعطائه إياك؟ قالت: بلى، فقال: فامش إلى بيت الله، فإن كنت لا تقدرين فامش واهدي، وليس عليك عجلة حتى تجدي وتقوي على ذلك، وأرجو ألا يكون عليك بأس إن شاء الله أبشري، قال لنا: وما هدي مثل هذه؟ قال: أرى هديها شاة، ثم قال: كان يقال: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» ، لئن دخلت هذه السوداء الجنة فما ضرها سوادها، خافت يمينها هذا الخوف وأخرى أهيأ منها لا تخاف خوفها.
قال محمد بن أحمد: قال لها أليس إنما حلفت ناسية لإعطائه إياك، فقالت: بلى، من أجل ما رأى بها من الفزع لأنها أتت وهي ترعد على ما ذكر في هذه الحكاية في غير هذا الموضع مخافة أن تكون قد وقعت من الإثم والحرج فيما لا مخلص لها منه، ويدل على ذلك قوله خافت يمينها هذا