قال محمد بن أحمد: قوله فيمن حلف ألا يدخل على فلان بيتا حياته فدخل عليه ميتا إنه يحنث هو مثل ما لأصبغ في نوازله بعد هذا في من حلف ألا يدخل بيت فلان ما عاش.
وقال سحنون: لا حنث عليه، وجه القول الأول أن قول الحالف حياته أو ما عاش لا يحمل على أنه أراد بذلك أجلا وقته ليمينه؛ لأن الظاهر من إرادته أنه أراد ألا يدخل عليه أبدا، فعبر عن ذلك بحياته أو ما عاش لأن ذلك هو الغاية التي يقصد بها الناس التأبيد في عرف كلامهم، من ذلك قول الرجل: لا أدخل هذه الدار حياتي أو ما عشت أو لا آكل من هذا الطعام حياتي أو ما عشت ولا أكلم فلانا حياته أو ما عاش إذا أراد أنه لا يفعل شيئا من ذلك كله أبدا، ووجه قول سحنون اتباع ظاهر اللفظ دون مراعاة المعنى، فقول مالك أولى بالصواب، ولو قال الرجل: لا أدخل على فلان بيتا أبدا فدخل عليه ميتا حنث إلا أن يريد حياته قولا واحدا على ما في أول رسم الطلاق الأول من سماع أشهب من كتاب الأيمان بالطلاق، وما في سماع أبي زيد منه، وقوله فيمن حلف ألا يأخذ لفلان مالا فمات فأخذ من تركته أنه حانث إن كان أوصى بوصية أو كان عليه دين. قال ابن القاسم في المجموعة وإن لم يكن الدين محيطا به وقد قيل: إنه لا حنث عليه وإن أحاط الدين بتركته، وقاله أشهب وهو الأظهر؛ لأن الميت إذا مات فقد ارتفع ملكه من ماله ووجب لمن يجب له منه أخذه من ورثته وأهل وصاياه وغرمائه إن كان عليه دين، وهذا الاختلاف إنما هو إذا لم يكن للحالف نية ولا كان ليمينه بساط فإن كانت يمين الحالف كراهية للمال لخبث أصله فهو حانث على كل حال كان على الميت دين وله وصية أو لم يكن، وإن كان كراهية لمنه عليه فلا حنث عليه على حال كان على الميت دين أيضا وكانت له وصية أو لم يكن.