للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن أحمد: قول الرجل أعاهد الله ألا أفعل كذا يمين كفارتها كفارة اليمين، له أن يحنث ويكفر إن شاء، كقوله: علي عهد الله لا أفعل كذا سواء عند مالك، ولم ير ما زاده في اليمين بالعهد من قوله عهدا مما لا أخيس به مما يخرج به اليمين عن حكم اليمين إلى حكم العهد الذي يخرج مخرج المعاقدة والمعاهدة فلا يكون له مخرج إلا الوفاء به، ويكون أعظم من أن يكون فيه كفارة وأن يأذن لها ويكفر كفارة يمين، واستحب أن يزيد على ذلك تقربا لله لحلفه على منع أهله من دخول بيت أمها وأهلها لما في ذلك من قطع ما أمر الله بوصله من صلة الرحم حيث يقول: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} [النساء: ١] يريد أن تقطعوها على ما جاء في تفسير الآية، فرأى ذلك ذنبا، واستحب له الصدقة من أجله لما جاء فيها من أنها تكفر الذنوب، واستدل على استحباب الصدقة لها زيادة على الكفارة بما ذكره من حديث أبي لبابة حين أصاب الذنب إلى سائر ما ذكره في الرواية، ومما وكد الإثم عليه عنده في حلفه على امرأته ألا تدخل بيت أمها وأهلها استلحاحه على منعها من ذلك أبدا بقوله عهدا لا أخيس عليه به لأن معنى لا أخيس به لا أرجع فيه بأن آذن لها وأكفر على ما ندب إليه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليفعل الذي هو خير وليكفر عن يمينه» ، ومما يدل على أنه أثم في يمينه ما روي من أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من استلحح على امرأته فهو أعظم إثما» يريد من غيره من الحالفين على ما سوى ذلك والله أعلم، وقد روى ابن أبي جعفر عن ابن القاسم في هذا رواية شاذة خارجة عن الأصول.

قال: سئل ابن القاسم عمن قال علي عهد الله عهدا لا أخيس به إن أذنت لامرأتي، قال: ليس في هذا كفارة، قيل له: هذا أعظم لأنه قال: لا أخيس

<<  <  ج: ص:  >  >>