يطعمون ويكسون مثل ما يطعم الكبار ومثل ما يكسون، إن أطعمهم أعطاهم من الطعام مثل ما يعطي الكبار، وإن كان إنما يصنع لهم طعاما يغذيهم ويعشيهم فلا يجوز له أن يغذي ويعشي إلا الكبار، قلت له: فإن غذى وعشى هل له أن يعطي الصغار من الخبز واللحم وما يطعمهم مثل ما يطعمهم بقدر ما يأكل كل رجل منهم كبير فيعطي الصغير قدره، قال: نعم، وأما الكسوة فإنه إن كسا الصبيان الصغار فإنه لا يجوز له أن يعطيهم أقمصة صغارا ولكن يعطي كل صغير منهم قميصا كبيرا مثل ما يعطي الكبير، فإن كسا الجواري الصغار كسا كل واحدة منهن درعا وخمارا كبيرا، مثل كسوة الكبيرة، والكفارة واحدة لا ينقص منها للصغير ولا يزاد فيها للكبير.
قال محمد بن أحمد: قوله إن أطعم الصغار أعطاهم من الخبز واللحم قدر ما يأكل الكبار معناه إذا كانوا قد بلغوا أن يأكلوا الطعام، قاله ابن القاسم عن مالك في كتاب الظهار من المدونة، وابن المواز أيضا، وليس إطعامهم اللحم بواجب، ويجزئ ما دونه من أدم البيت، وقوله إن كسا الصغار فإنه لا يجوز له أن يكسوهم أقمصة صغارا هو نحو قول محمد بن المواز من رأيه، خلاف ما حكي عن ابن القاسم من أنه لم يكن يعجبه كسوة الأصاغر بحال، وكان يقول: من أمر بالصلاة منهم فله أن يكسوه قميصا مما يجزئه، ومعنى ذلك إذا لم يقصد إليهم لصغرهم كي تخف عنه الكفارة، وإنما تحرى الصواب وقصد الحاجة فكان فيمن علم منهم صغير قد أمر بالصلاة فيراه أحق من غيره لشدة مسكنته فيكسوه على هذه الرواية قميصا مما يجزئه، ولعله أن يكون في كبر ثيابه وطول قامته وإن كان قريب الاثغار تقرب كسوته من كسوة الكبار. قال ابن حبيب: إنه إن كسا الصبايا الصغيرات اللواتي لا صلاة عليهن كساهن درعا بغير خمار، ومثله حكى ابن المواز في كسوة الصغار عن