وهذا ما لا خلاف فيه، وأما الثنيا فهو ما يستدركه الرجل بالاستثناء بعد أن فرطت منه اليمين دون نية وذلك على وجهين، أحدهما استثناء يخرج من الجملة بعد ما اقتضاه اللفظ العام والعدد المسمى في جميع الأحوال. والثاني استثناء يخرج به جميع الجملة في بعض الأحوال، فأما الاستثناء الذي يخرج به بعض ما اقتضاه اللفظ العام أو العدد المسمى في جميع الأحوال فهو الاستثناء بإلا وسائر حروف الاستثناء، مثاله أن تقول: والله لأعطين القرشيين إلا فلانا ثلاثة دراهم إلا درهما فأخرجت من القرشيين فلانا بالاستثناء وأخرجت من الثلاثة دراهم درهما بالاستثناء فهذا القسم من الاستثناء المشهور فيه في المذهب أن النية فيه لا تنفع وأنه لا بد فيه من تحريك اللسان كما قال في هذه الرواية، وقد مضى في آخر سماع أشهب لمالك خلافه، وجه القول الأول القياس على ما أجمعوا عليه في الاستثناء بمشيئة الله أنه لا بد فيه من تحريك اللسان، ووجه القول الثاني أن حقيقة الكلام إنما هو المعنى القائم بالقلب وتحريك اللسان عبارة عنه كالرمز والإشارة والكتابة فإذا استثنى في نفسه وجب أن ينفعه استثناؤه وإن لم يحرك به لسانه، وعلى هذا تأتي رواية أشهب عن مالك في كتاب الأيمان بالطلاق وإن من أجمع في نفسه على أنه قد طلق امرأته فقد لزمه الطلاق، والأصل في ذلك إجماعهم على أن من اعتقد الإيمان بقلبه فهو مؤمن عند الله وإن لم يلفظ بكلمة التوحيد وأن من اعتمد الكفر بقلبه فهو كافر عند الله وإن لم يلفظ بكلمة الكفر، وأما الاستثناء الذي يخرج به جميع الجملة في بعض الأحوال فهو الاستثناء بإن وبإلا أن، مثاله أن يقول: والله لأعطين القرشيين ثلاثة دراهم إن كان كذا وإلا أن يكون كذا فهذا لا بد فيه من تحريك اللسان قولا واحدا؛ لأنه في معنى الاستثناء بأن شاء الله وبإلا أن يشاء الله، ومن أهل العلم من شذ فأجاز الاستثناء في القلب بمشيئة الله وعلى هذا يحمل ما روي عن ابن عباس من إجازة الاستثناء بعد عام أنه أظهر بعد عام من الاستثناء ما كان اعتقده حين اليمين منه؛ إذ لا اختلاف بين أحد من أهل العلم في أن الاستثناء لا بد أن يكون موصولا