فهو حانث، وإن كان السرج قد فات فأخذ له قيمة أو سرجا فلا حنث عليه، وقال في كتاب باع شاة، قال عيسى: سألت ابن القاسم عن الرجل يحلف بحرية عبده ألا يبيعه فيغتصبه منه إنسان فينتقص عنده فهل له أن يأخذ قيمته؟ قال: إن كان الذي نقصه منه أمرا جاءه من الله فأخذ قيمته فقد حنث لأنه كان مخيرا على الغاصب إما أن يأخذه بعيبه ولا شيء عليه في العيب، وبين أن يسلمه ويأخذ قيمته، فلما أسلمه وأخذ قيمته كان بايعا له، ولو أصابه غيره بأخذ له إنشاء أو لم يأخذ له فأسلمه كان حانثا إذا رضي بالقيمة من غاصبه ولو أنه أخذه وأخذ ما أخذ الغاصب في جرحه أو اتبع الجارح بما جنى على عبده لم يكن عليه شيء.
قال محمد بن رشد: الذي يتحصل من هذه الرواية ثلاثة أقوال، أحدها أنه لا يحنث بأخذ القيمة منه إذا فاتت عنده فواتا توجب له تضمين القيمة إياه يسيرا كان النقصان أو كثيرا بأي وجه كان وهو الذي في كتاب المكاتب، والثاني أنه يحنث بأخذ القيمة منه فيها وإن فاتت ووجب له تضمين القيمة إياه يسيرا كان النقصان أو كثيرا بأي وجه كان، وهو الذي في كتاب باع شاة، والثالث أنه يحنث بأخذ القيمة فيها منه إن كان النقصان يسيرا، ولا يحنث إن كان النقصان كثيرا أكثر من الثلث، وجه القول الأول إن ذلك ليس بيعا لأن البيع إنما يكون برضى المتبائعين والغاصب مجبور على أخذ القيمة منه، ووجه القول الثاني أن ذلك بيع من أجل أنه مخير بين أن يأخذ سلعته ويضمنه ما نقص يسيرا كان النقصان أو كثيرا وبين أن يسلمها إليه ويأخذ منه قيمته، فأشبه من حلف ألا يبيع سلعة فباعها على أنه فيها بالخيار أنه يحنث إن أمضاها له وإن كان المبتاع مجبورا على أداء الثمن فيها للعقد المتقدم، والقول الثالث لا يخرج عن القولين، فهو استحسان على غير حقيقة القياس، وبالله التوفيق.