لا يوجب عليه الصدقة بثلث ماله وإنما يوجب ذلك عليه الحنث فإذا حلف بصدقة ماله على شيء ألا يفعله ثم حلف قبل أن يحنث بصدقة ماله ثانية على شيء آخر ألا يفعله فحنث في اليمين فليس عليه فيهما إلا ثلث ماله مرة واحدة سواء حنث فيهما جميعا قبل أن يخرج الثلث أو حنث في أحدهما فأخرج الثلث ثم حنث في الآخر بعد ذلك؛ لأنه إنما هو حالف في اليمين بشيء واحد وهو ثلث ماله، فإن كان قد أخرجه إن حنث في اليمين الأولى فلم يبده ما يحنث به في اليمين الثانية، وإن كان لم يخرجه فهو الذي يجب عليه إخراجه بمنزلة من قال: إن فعلت كذا وكذا فعبدي فلان حر فليس عليه أكثر من حرية عبده حنث في اليمينين أو في أحدهما، وقد وقع في سماع أبي زيد بعد هذا ما لابن القاسم، وأما لابن كنانة على ما يحتمله ذلك من التأويل أن عليه إخراج ثلث ماله لليمين الأول ثم ثلث ما بقي لليمين الثانية ثم ثلث ما بقي لليمين الثالثة، وهو بعيد بدليل ما ذكرناه، وإنما يجب عليه في القياس إخراج ثلث ماله لليمين الأولى وثلث ما بقي لليمين الثانية وثلث ما بقي لليمين الثالثة إذا حلف وحنث ثم حلف وحنث ثم حلف وحنث لأنه إذا حنث فقد وجب عليه إخراج ثلث ماله فإذا حلف بصدقة ماله بعد وجوب ذلك عليه فإنما تقع يمينه بصدقة ما بقي من ماله فيجب عليه إخراج ثلثه إذا حنث لا يدخل بعض ذلك في بعض خلاف ما تدل عليه هذه الرواية وخلاف ما حكى ابن حبيب في الواضحة عن مالك وبعض أصحابه من أنه لا يجب عليه إلا ثلث واحد للأيمان كلها، وذلك استحسان على غير قياس مراعاة للاختلاف في أصل اليمين، وأما إذا حلف وحنث فأخرج ثلث ماله ثم حلف بعد ذلك وحنث فلا اختلاف في أن عليه إخراج ثلث ما بقي بيده بعد ما أخرج لليمين الأولى، ولا اختلاف في أنه إذا حلف بصدقة ماله ثم حنث وقد نقص المال أنه لا يجب عليه أن يتصدق إلا بما بقي بيده يوم حنث، واختلف إذا حنث وقد زاد المال بتجارة أو بولادة رقيق كانوا فيه، فقال في الرواية: إنه ليس عليه أن يخرج ثلث النماء، ومثله في الواضحة وغيرها لابن