تعالى، واستحب أن يلي الرجل نحر هديه وذبح ضحيته بيده تواضعا لله وتأسيا برسول الله في ذلك، فإن ذبح له غيره بأمره أجزأه عند مالك، قال ابن عبد الحكم في مختصره: وقد قيل لا يجزيه والأول أحب إلينا، وأما إن ذبحها له نصراني أو يهودي فلا يجزيه إلا عند أشهب، وقد مضى دليل قوله في سماع أشهب من كتاب الضحايا، واستحب في صفة التسمية على الذبيحة أن يقول بسم الله والله أكبر لأنه الذي مضى عليه أمر الناس، قال ابن حبيب في الواضحة: فإن قال: باسم الله والله أكبر وحده اكتفاه بذلك، وكذلك لو قال: لا إله إلا الله أو سبحان الله أو لا حول ولا قوة إلا بالله لاكتفي بذلك؛ لأنه إنما أمر أن يسمي الله، فكيف ما ذكره فقد سماه.
وأجاز أن يقول بعد التسمية صلى الله على رسول الله، وكره أن يقول معها محمد رسول الله، وظاهر المدونة أنه كره الأمرين جميعا وما في الواضحة أبين؛ لأن الصلاة على النبي دعاء له فلا وجه لكراهيته، بخلاف ذكر اسمه بغير دعاء ذلك مكروه؛ لأن الذبح إنما هو لله تعالى وحده فلا يذكر هناك إلا اسم الله تعالى وحده كما أمر حيث يقول:{لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ}[الحج: ٣٤] . وتسمية الله سنة في الذكاة وليست شرطا في صحتها؛ لأن معنى قوله عز وجل:{وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}[الأنعام: ١٢١] ، أي لا تأكلوا الميتة التي لم يقصد إلى ذكاتها لأنها فسق، ومعنى قوله عز وجل:{فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ}[الأنعام: ١١٨] . كلوا مما قصد إلى ذكاته، فكنى عز وجل عن التذكية بذكر اسمه كما كنى عن رمي الجمار