للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا والله ما حرم على البائع فلا يحل للمبتاع، ثم قال مالك بعد أن ذهب السائل: ولقد ندمت بأن لا أكون قد سألته بكم باعه، فإن هؤلاء يوفون بما يشترطون، فإن كان هذا إنما اشتراه لما ذكره فإنما يشتريه بأقل من نصف ثمنه، ولكن هم يقولون مثل هذا ويشترونه بأقصى ثمنه أو قريب منه ثم يبيعونه ولا يوفون بما يشترطون.

قال محمد بن رشد: قوله في آخر المسألة فإن هؤلاء لا يوفون بما يشترطون ولكنهم يقولون ذلك ثم يشترونه بأقصى ثمنه أو قريب منه ولا يوفون بما يشترطون يدل على أنه إنما لم يجز بيعه على الشرط مخافة ألا يفي المشتري بما شرط عليه من ذلك، ولو أمن من ذلك لأجازه فلما لم يأمن من ذلك لم يفسخ بيعه حماية للذرائع، لا لأن بيعه حرام لذاته كالخمر والخنزير والميتة، فعلى هذا لو باعه ممن يعلم ثقته ويأمن من أن يغش به لجاز له البيع وساغ له الثمن ولم يحرم عليه، وهذا قول ابن وهب وجماعة من السلف، ودليل ما في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم من كتاب الصلاة في مسألة الصابون. وقد روي عن أبي موسى الأشعري أنه أجاز بيعه من غير المسلمين، والمشهور عن مالك المعلوم من مذهبه في المدونة وغيرها أن بيعه لا يجوز، وقد جعله في رسم اغتسل من سماع ابن القاسم قبل هذا كالميتة في أن بيعه لا يجوز، والأظهر في القياس أن بيعه جائز ممن لا يغش به إذا بين؛ لأن تنجسه بسقوط النجاسة فيه لا يسقط ملكه عنه ولا يذهب جملة المنافع منه ولا يجوز أن يتلف عليه، فجائز له أن يبيعه ممن يصرفه فيما كان له هو أن يصرفه فيه، وهذا في الزيت على مذهب من لا يجيز غسله،

<<  <  ج: ص:  >  >>