ويصغر فإن قطف رؤوسها كلها واحدا واحدا طال ذلك، فلا أرى بأسا أن تؤخذ فتطرح في المرعف حيا وإن لم تنزع رؤوسها.
قال محمد بن رشد: اختلف في الجراد، فقيل: إنه لا يحتاج فيه إلى ذكاة ويجوز أكل ما وجد منه ميتا، وقيل: إنه لا بد فيه من الذكاة وذكاتها أن يفعل بها ما تموت به معجلا باتفاق كقطع رؤوسها أو نقرها بالإبر أو الشوك أو طرحها في النار أو الماء الحار وما أشبه ذلك، أو أن يفعل ما تموت به وإن لم يكن معجلا على اختلاف كقطع أرجلها وأجنحتها وإلقائها في الماء البارد وما أشبه ذلك؛ لأن سحنون وغيره لا يرى فيها ذكاة، وقد قيل: إن أخذها ذكاة وتوكل إن ماتت بعد أخذها بغير شيء فعل بها، وهو قول ابن حبيب من أصحاب مالك، وحكي ذلك عن بعض أصحاب النبي، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وجه القول الأول ما روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«أحلت لنا ميتتان ودمان الحوت والجراد والكبد والطحال» ، واختلف في تعليل جواز أكلها ميتة بغير ذكاة، فقيل: إن العلة في ذلك أنها من صيد البحر على ما روي عن كعب الأحبار أنها نثرة حوت ينثرها في كل عام مرتين، فأجاز للمحرم أخذها وأكلها، وقيل: إن العلة في ذلك لا لحم لها ولا دم سائل، فمن علل بالعلة الأولى أوجب الذكاة فيما لا لحم له ولا دما سائلا من الحيوان لتحريم الله عز وجل الميتة، وهو مذهب ابن حبيب، ومن علل بالعلة الثانية لم يوجب الذكاة في شيء من الحيوان الذي لا لحم له ولا دم سائل؛ لأنه يدخل في حكم الجراد المذكور في الحديث كما يدخل دواب البحر في حكم الحوت المذكور فيه، وهو قول عبد الوهاب في التلقين، ووجه القول الثاني: أن الله تعالى لما حرم الميتة لقوله عز وجل: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}[المائدة: ٣] فعم