سفيان الثوري عن رجل، عن الحسن البصري أنه قال: لا يتوضأ بالنبيذ ولا باللبن.
قال محمد بن رشد: إنما وقع هذا السؤال عن الوضوء بالنبيذ؛ لما روي عن عبد الله بن مسعود:«أنه كان مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليلة الجن، وأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احتاج إلى ماء يتوضأ به، ولم يكن معه إلا النبيذ، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ثمرة طيبة، وماء طهور، فتوضأ به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . وفي حديث آخر:«أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سأله ليلة الجن، أمعك يا ابن مسعود ماء؟ فقال: معي نبيذ في إداواتي فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اصبب علي. فتوضأ به، وقال: شراب وطهور» ، وهو حديث لا يثبته العلم بالحديث. ومما يضعفه أنه روي عن عبد الله بن مسعود من رواية علقمة: أنه قال: لم أكن مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليلة الجن، ولوددت أني كنت معه. وروي عن علقمة أيضا أنه قال:«سألت ابن مسعود هل كان مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليلة الجن أحد؟ فقال: لم يصحبه منا أحد، ولكن فقدناه ذات ليلة استطير أم اغتيل، فتفرقنا في الشعاب والأودية نلتمسه، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم نقول: استطير أم اغتيل، فقال: إنه أتاني داعي الجن، فذهبت أقرئهم القرآن، فأرانا آثارهم» ، وتعلق به أبو حنيفة وبعض أصحابه على ضعفه، فقالوا: إن من لم يجد في السفر إلا نبيذ التمر توضأ به، وهم مع تعلقهم بالحديث قد تركوه، إذ لم يجيزوا الوضوء بنبيذ في المصر، ولا فيما حكمه حكم المصر، ولم يكن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسافرا ولا خارجا عن حكم مكة؛ لأنه إنما خرج يريدهم وهو يتم الصلاة، ولو ثبت بهذا الأثر الوضوء بنبيذ التمر لجاز الوضوء به في السفر والحضر، ومع وجود الماء وعدمه، فلما أجمعوا أن ذلك لا يجوز خرج نبيذ