للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويده قذرة، كيف يصل إلى الماء؟ وهل له أن يتيمم ولا يدخل يده في الحوض ويصلي؟ أم لا يتيمم، ويدخل يده في الحوض فيتوضأ ويغتسل؟ قال ابن القاسم: أرى أن يحتال بما قدر عليه حتى يأخذ من الماء ما يغسل به يده، إما بفيه أو بثوب إن كان معه أو بما يقدر عليه، وإن لم يقدر على حيلة، فإني لا أدري ما أقول فيها إلا أن يكون ماء كثيرا معينا، فلا بأس أن يغتسل به.

قال محمد بن رشد: وهذه المسألة صحيحة؛ لأن معنى قوله: ويده قذرة، أي قذرة من نجاسة، فإذا كانت يده نجسة لم يجز له أن يدخلها في الماء الذي يغتسل فيه قبل أن يغسلها؛ لأنه ينجس على نفسه الماء بذلك، إلا أن يكون ماء كثيرا معينا يحمل ذلك المقدار من النجاسة، ولا بد له أن يحتال في غسل يده قبل أن يدخلها في الماء كما قال: إما بفيه أو بثوب طاهر إن كان معه، أو ما أشبه ذلك. وإن كان الماء إذا أخذه بفيه ينضاف بما يخالطه من ريقه، فلا تطهر بذلك يده ولا يرتفع عنها حكم النجاسة على مذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فإن عينها يزول به من يده، وإن بقي حكمها عليه في أنه لا يجوز له أن يصلي حتى يغسل يده بماء ليس بمضاف.

وإذا أزال عين النجاسة من يده بذلك، لم ينجس الماء الذي أدخلها فيه، وهذا ما لا خلاف فيه. ولو لم يعلم بيده نجاسة لجاز له أن يدخلها في الماء إذا لم يمكنه صب الماء على يده، ولا يكن عليه أن يحتال لغسلها قبل على ما قال في آخر سماع أشهب، خلاف ظاهر قول أبي هريرة في رسم "البز" من سماع ابن القاسم، فإن علم بطهارة يده أدخلها فيه ولم يكن عليه أن يحتال لغسلها بما ذكره من أخذ الماء بفيه أو بثوب. وإن علم بنجاستها لكان عليه أن يحتال لذلك بما ذكره، وإن لم يعلم بها نجاسة ولا تيقن بطهارتها كان عليه أن يحتال لغسلها بما ذكره على ظاهر قول أبي هريرة، ولم يكن ذلك عليه على ما في آخر سماع أشهب، وقد مضى القول فيه، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>