قال محمد بن رشد: ذكر ابن أبي زيد هذه المسألة في النوادر، ووصل بها قال: واختلف فيها قول سحنون فيما أخبرنا أبو بكر بن محمد بن حمديس عنه، ولم يبين حيث اختلف قوله. فمن الناس من حمل اختلاف قوله على الذين أخروا الوقوف فوقفوا يوم النحر، ومنهم من حمله على الذين عجلوا فوقفوا يوم التروية، والأمر في ذلك محتمل؛ لأن الخلاف في الوجهين جميعا موجود. قيل: إن الحج لا يجزيهم قدموا الوقوف أو أخروه قياسا على المنفرد إذا أخطأ وقوف الناس فوقف قبلهم أو بعدهم، وهو قول ابن القاسم فيما حكى عنه اللخمي من أن الحج لا يجزيهم إذا أخطئوا فوقفوا بعد يوم عرفة؛ لأنه إذا كان الحج عنده لا يجزيهم إذا أخروا الوقوف فأحرى ألا يجزيهم عنده إذا قدموا الوقوف، وقيل: إن الحج يجزيهم قدموا الوقوف أو أخروه، وهو أحد قولي الشافعي قياسا على من اجتهد فصلى إلى غير القبلة: إن صلاته جائزة ولا إعادة عليه إذا خرج الوقت. وحكى أنه إجماع فقاس عليه مسألة الأسير تلتبس عليه الشهور فيصوم قبل رمضان أو بعده إن صيامه يجزيه، وليس بإجماع لما يذكره في ذلك من الخلاف بعد إن شاء الله. قال أبو القاسم بن الكاتب: وإنما ذهب الشافعي إلى إجازة حجهم إذا وقفوا قبل يوم عرفة لأن أبا بكر الصديق أقام للناس الحج بأمر النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في شهر ذي القعدة. فرأى أن أهل الموسم إذا أخطئوا فقدموا الوقوف قبل يوم عرفة يجزيهم الحج لحج أبي بكر بالناس في شهر ذي القعدة. قال: وإنما كانت تصح له الحجة بذلك لو كانت تلك الحجة لأبي بكر فريضة، ولم تكن له فريضة، وإنما بعثه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أميرا على الحج وليعهد إلى الناس بما أمره به أن يعهد به إليهم من أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، ثم أتبعه علي بن أبي طالب لما نزلت سورة أول براءة ليتلى على الناس في الموسم. والشافعي كان أعلم وأبصر بموضع الحجة من أن يحتج بهذا، لقوله في