فيخيرانه كما خيره الله تبارك وتعالى، فإن اختار الهدي حكما من الهدي بما يريانه نظيرا لما أصاب من الصيد ما بينه وبين أن يكون عدل ذلك الذي يحكمان فيه شاة، فإنها أدنى الهدي وما لم يبلغ قيمته عندهما أن يحكما فيه بشاة حكما فيه بالطعام. وما اختار أن يحكما عليه فيه بالطعام أو لم يبلغ قيمته ما يحكمان فيه بالشاة، فحكما فيه بالطعام فهو مخير بين أن يطعم ذلك الطعام الذي يحكمان به عليه مساكين أو يصوم مكان كل مد يوما. قلت له: أيطعمه بمكة خاصة أم حيث شاء، ويصوم حيث شاء؟ قال: إذا حكما بالهدي فلا يكون إلا بمكة لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}[المائدة: ٩٥] ، وما صار إلى الطعام أو إلى الصيام فإنه يفعل ذلك حيث شاء. قلت: أرأيت إن أحب أن يطعم في بلده والطعام عندهم أرخص، أيجزئه أن يخرج المكيلة التي حكما بها عليه؟ فقال: لا، ولكن ينظر إلى قيمة ذلك الطعام بالثمن من الدنانير والدراهم حيث أصاب الصيد ووجب عليه الحكم، يشتري بذلك الثمن طعاما ببلده، قلت: أرأيت إن وجد الطعام ببلده أغلى منه حيث حكم عليه أيجزيه أن يشتري بذلك الثمن الذي باع وإن قل الطعام أم لا يجزيه إلا أن يطعم تلك المكيلة التي حكما بها عليه؟ قال: يشتري بذلك الثمن الذي باع به الطعام الذي حكم به عليه حيث أحب أن يتصدق بالطعام، غلا الطعام بذلك البلد أو رخص، لا شيء عليه إلا ذلك.