خرج خروجا لا ينوي فيه العودة، فلما خرج بدا له فأراد العودة فعليه الإحرام، ونزلت بأبي سليمان أيوب بن أبا.
قال محمد بن رشد: قوله: إن من خرج من مكة إلى موضع قريب علم أن يعود إليها فليس عليه إذا رجع إليها أن يدخل بإحرام هو مثل ما في المدونة في الذي كان عليه هدي من جزاء صيده فلم ينحره حتى ذهبت أيام منى فاشتراه بمكة وأخرجه إلى الحل أنه ليس عليه أن يدخل محرما ويدخل حلالا، وكذلك أيضا عند مالك من خرج على أن لا يعود إذا رجع من قرب لأمر عاقه؛ كما فعل عبد الله بن عمر: إذ خرج من مكة إلى المدينة، فلما بلغ قديدا بلغه خبر الفتنة فرجع فدخل مكة بغير إحرام، بخلاف إذا بدا له من سفره لأمر رآه، على ما في هذه الرواية فليست بخلاف لمذهب مالك في المدونة، وأما من خرج إلى موضع بعيد أو إلى موضع قريب فأقام فيه أو كان من سكان المواضع القريبة فعليه إذا دخل مكة أن يدخل محرما وإن كان من أهل مكة إلا مثل الحطابين وغيرهم ممن يكثر تردادهم إلى مكة فليس عليهم أن يدخلوا بإحرام لمشقة ذلك عليهم، وحد القرب ما إذا خرج إليه على أن يعود لم يلزمه أن يطوف للوداع، وهو ما دون المواقيت؛ لأنه قد نص في الحج الثالث من المدونة أن من خرج إلى ميقات من المواقيت ليعتمر منه فعليه إذا خرج أن يطوف للوداع، فلو خرج إليها على هذا لحاجة على أن يرجع لوجب عليه إذا رجع أن يدخل بإحرام، هذا تحصيل مذهب مالك في هذه المسألة.
ومن أهل العلم من جوز دخول مكة بغير إحرام لجميع الناس لدخول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكة عام الفتح حالا وعلى رأسه المغفر، وروي أنه دخلها