دفعوه على البلاغ وقد أمرهم بذلك، أعني: من ثلث بقية مال الميت إن كان المال لم يقسم باتفاق، وإن كان قد قسم فعلى الاختلاف في الذي يوصي أن يشترى عبد من ثلثه فيعتق فاشترى ولم ينفذ له العتق حتى مات، وقد اقتسم الورثة المال، إذ قد قيل: إنه يشترى عبد آخر من بقية ثلث المال، وهو ظاهر ما في المدونة، وقيل: من بقية الثلث، وهي رواية عيسى عن ابن القاسم في كتاب الوصايا، وقوله بعد ذلك: وإن كان استؤجر مقاطعة فعليه القضاء على كل حال، يريد بقوله "على كل حال" سواء أفسده بإصابة أهله، أو فاته بمرض أو كسر، وقوله بعد ذلك: وكذلك الذي يحصر حتى يفوته الحج، قال ابن لبابة: لا يريد به حصر العدو؛ لأن حكم من استؤجر على الحج فحصره العدو أن يحل حيث حصر، ويكون له من إجارته بقدر ما بلغ من الطريق، وكذلك في مختصر أبي زيد بن أبي الغمر، وفي المدونة قال: وإنما يريد به الحصر الذي هو في حكم حصر المرض، مثل أن يتهم في دم فيحبس فيه حتى يفوته الحج أو ما أشبه ذلك، يقول: فهذا كله، والذي يخفى عليه الهلال حتى يفوته الحج، [كالذي يمرض أو ينكسر حتى يفوته الحج، وكالذي يفسد الحج بإصابة أهله، يجب عليه في ذلك كله القضاء، والذي أقول به: إنه إنما أراد الذي يحصر بعدو، وأنه لا فرق في هذه المسألة بين أن يفسد حجه بإصابة أهله أو بحصر عدو أو مرض أو كسر أو خطأ عددا أو خفاء هلال حتى يفوته الحج، وأنه يجب عليه في ذلك قضاء الحج؛ لأنه قال فيها: إن الاستئجار كان مقاطعة، ومعناه: أن يستأجره على حجة ولا يسمى في أي سنة، فتكون عليه الحجة على الحلول، فإن أفسدها في أول سنة أو حصر بعدو أو مرض أو خطأ عدد حتى فاتته الحجة كان عليه قضاؤها في السنة التي بعدها، وإنما يفترق حصر العدو من حصر المرض إذا كان الاستئجار لسنة بعينها ولم يكن مقاطعة، فهذا قال فيه في المدونة: إنه إن أحصر بعدو رد المال، ويكون له من إجارته