لم يفوتا ردها وقبض الجاريتين، وإن كانت الدنية قد فاتت والمرتفعة منهما لم تفت ردها أيضا وأخذ المرتفعة ورجع عليه بقيمة الدنية، وإن فاتت المرتفعة ولم تفت الدنية منهما لم يردها ولزمه البيع فيهما وغرم قيمة الجاريتين.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة حسنة جيدة إلا أنه لم يستوف جميع وجوهها ولا بين ما فيه الخلاف منها، وأنا استوفي ما قصر عنه من وجوهها وأنبه على ما فيه الخلاف منها إن شاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال أولا: إن البيع ينفسخ في الجاريتين إن ماتت الجارية التي هي ثمن لهما أو أصابها عيب قبل أن تخرج من الاستبراء، ومعنى ذلك إن كانت الجاريتان لم تخرجا بعد من الاستبراء أو كانتا قد خرجتا منه ولم تفوتا عند المبتاع لهما بوجه من وجوه الفوت، فأما إن كانتا قد فاتتا عنده بحوالة سوق فما فوقه فيلزمه قيمتهما يوم خروجهما من الاستبراء ولا ينفسخ البيع بردهما إلى بائعهما، كمن باع عبدا بعبد، فاستحق أحدهما وقد فات الآخر: إنه لا يرد بعد فوات ويلزم مشتريه قيمته يوم اشتراه، وكذلك إن فاتت الأرفع منهما ولم تفت الأدنى، وأما إن فاتت الأدنى ولم تفت الأرفع فيردها وقيمة التي فاتت، وفيما يأتي بعد هذا في بقية المسألة بيانه. وقول ابن القاسم إلا أن يشاء المشتري حبس المعيبة فيتم البيع، وقع في بعض الروايات وهو صحيح مبين لما تقدم من قوله. وقوله وإن سلمت مما ذكرنا فأصاب الجارية الفاره من الجاريتين مثل ما وصفنا في هذا قبل أن تخرج من الاستبراء انفسخ البيع أيضا وردت الجارية الفاره التي كانت ثمنا للجاريتين إلى صاحبها واسترجع جاريته، معناه أيضا إذا كانت الجارية الفاره التي كانت ثمنا للجاريتين قائمة لم تفت بوجه من الوجوه، فإن كانت قد فاتت بحوالة سوق [فما فوقه لم ترد، ولزم مشتريها قيمتها يوم خروجها من الاستبراء، وأما الجارية الدنية من الجاريتين فترد وإن فاتت بحوالة