قال محمد بن رشد: قال: إن الأول إن كان له مال قومت عليه الأمة وكانت أم ولد له، وقال: إن الثاني ينكل ويدرأ عنه الحد ويلحق به الولد، وسكت عما يجب عليه للأول، ويجب عليه له قيمة ولده، على أنه ولد أم ولد [له؛ لأنه إنما وطئها وأولدها بعد أن صارت أم ولد للأول] ويترادان فيما بينهما، فمن كان له منهما فضل على صاحبه رجع به عليه على ما يأتي لسحنون في نوازله بعد هذا، وقيل: إنه إن لم يكن للأول مال لم تقوم على الأول، ولا على الثاني، ونكلا وألحق بهما أبناؤهما، وأعتقت عليهما، وذلك كله بين على ما قال؛ لأن القيمة سقطت عن الأول لعدمه، وعن الثاني إذ قد فات نصيب الأول بالإيلاد ووجب أن تعتق عليه، إذ لا يقدر على وطئها من أجل نصيب الثاني الذي قد صارت أم ولد له، ووجب النكال عليهما، إذ لا يجوز وطء أمة فيها شرك، ولحق بهما أبناؤهما للشبهة التي أسقطت الحد عنهما وأعتقت عليهما؛ لأن نصيب كل واحد منهما قد صار أم ولد له بالإيلاد، ولا سبيل له إلى الوطء؛ لأن نصفها أم ولد له، ونصفها أم ولد لصاحبه.
وسكت: هل يجب على الأول قيمة نصف ولد للثاني؟ فروي عن ابن القاسم أن ذلك يجب عليه، وهو الصحيح في النظر والقياس؛ لأن الأمة لما لم تقوم عليه لعدمه، وبقي نصفها ملكا لشريكه، وجب عليه نصف قيمة ولده. وفي كتاب ابن المواز: أنه لا شيء عليه من نصف قيمة ولده، إذ قد أفات شريكه نصيبه من الأمة بإيلاده إياها. وأما الثاني فلا يجب عليه للأول في ولده شيء؛ لأنه وطئ، وبعض الأمة ملك له وبعضها قد وجب عتقه على شريكه، وهذا على مذهب ابن القاسم الذي يرى أنه يعجل عليه عتق نصيبه. وأما على قول غيره الذي يرى أنه لا يعجل عليه عتق نصيبه حتى يعتق نصيب شريكه، فيكون عليه قيمة نصف ولده على أنه ولد أم ولد.