تفتكه بنصف قيمة الجارية، وإما أن تسلمه وماله لصاحب الجارية، وإلى هذا نحا ابن عبد الحكم، فقال: ويقع في قلبي أنها جناية. وقوله "لأنه كان مأذونا له في ذلك"، معناه: لأنه كان مأذونا له في وطء ما ملكت يمينه، فلما وطئ بهذه الشبهة ما له فيه شرك فسقط عنه الحد لزمه القيمة في ذمته، وخرجت من أن تكون جناية في رقبته، هذا معنى قوله، لا أنه يباح له أن يطأ أمة له فيها شرك.
وقوله: إذا ألحقته القافة بهما أن الصبي يعتق على الحر ويغرم نصف قيمته إلى سيد العبد ليس بجيد؛ لأنه لم يعتق نصفه فيقوم عليه باقيه، بل كان نصفه حرا بالحكم من أصله؛ لأن ولد الحر من أمته حر من أصله. وإذا كان من ورث نصف أبيه لا يعتق عليه باقيه بالتقويم، وإن كان الولاء له؛ لأنه أعتق عليه، فأحرى أن لا يقوم عليه نصف ابنه في هذه المسألة؛ إذ لم يعتق نصفه ولا له من ولائه شيء. ألا ترى أنه إن قُوِّم عليه نصفه على ما ذهب إليه فمات أبوه وهو حر معتق، ثم مات هو بعده ولا وارث له إلا الذي أعتق أباه - لم يرث منه بالولاء إلا النصف الذي أعتق عليه بالتقويم. وكذلك قول أصبغ:"إنه لا يعتق عليه نصفه يغرم نصف قيمته إلا أن يواليه" - لا معنى له يصح عليه؛ لأنه إن وجب أن يقوم عليه فلا وجه لتأخير ذلك إلى أن يواليه، وإن لم يجب ذلك قبل أن يواليه فلا يوجب ذلك عليه موالاته إياه، وهذا بيِّن.
وفي قول سحنون: إنه يُقَوَّم على الحر نصف الأمة التي للعبد، فيكون له رقيقا ويحل له وطؤها حتى يولدها مرة أخرى بعد اشترائه هذا النصف، فيكون جميعها أم ولد له - نَظَرٌ؛ لأنه إذا لم يُقوَّم عليه نصف العبد إلى حرية، فلا ينبغي أن يكون ذلك إلا برضا العبد. وقد وقع في بعض الكتب قال: أرى أن يُقَوَّم عليه نصف الباقي فيكون جميعها أم ولد له، وسقط ما بين ذلك من الكلام، فعلى هذا يكون جميعها أم ولد له إذا قومت عليه، ولا يحتاج في ذلك إلا إيلاد ثان، وهو ضعيف يرده قوله في المسألة التي نظَّرَهَا بها في الشراء؛ إذ لا فرق بين المسألتين. وقد حكى أبو إسحاق التونسي الخلاف أيضا في مسألة الشراء، وإن كان ضعيفا لا يحمله القياس، فعليه يأتي أن يجبر العبد على