للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتراء النوبة والبجة، فإن بيننا وبين النوبة والبجة هدنة، تعطينا النوبة رقيقا ونعطيهم طعاما، وتعطينا البجة إبلا ونعطيهم طعاما وهم يتسابون، فهل نشتري منهم شيئا من رقيقهم؟ فقال: كان يقال: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإنه لن يترك أحد شيئا لله، فوجد فقده، قال: وقال عبد الله بن عمر، وكان من أئمة الناس: إني لأحب أن أجعل بيني وبين الحرام سترة من الحلال ولا أحرمه، وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعبد الله بن عمرو بن العاص: «كيف لك إذا بقيت في حثالة من الناس وقد مرجت عهودهم وأماناتهم فاختلفوا فكانوا هكذا، وشبك بين أصابعه، فقال: كيف بي يا رسول الله؟ قال: عليك بما تعرف، ودع ما تنكر عليك بخاصة نفسك، وإياك وعوامهم، قال لي: وانظر لنفسك، وعليك بالبين المحض» ، قلت له: إنهم يبعثون إلينا برقيق من رقيقهم، فهل نشتري من رقيقهم التي يبعثون إلينا بهم للصلح الذي بيننا وبينهم فقال: "لا أدري ما هذا ولا ما هذا التفصيل بين هذا وهذا، وليس كل من فصل أصاب ".

قال محمد بن رشد: إذا كانت الهدنة بيننا وبين أهل الحرب على أن لا نقاتلهم ولا نسبيهم، فلا إشكال في أن ذلك ليس بعهد يمنعنا من شراء أولادهم منهم، ولا من شرائهم ممن سباهم في أن ذلك عهد يمنعنا من شرائهم ممن سباهم ومن شراء أولادهم، وإذا أعطيناهم أمانا وعهدا على أن يدخلوا إلينا في تجارة وينصرفون، أو على أن ندخل نحن إلى بلادهم في تجارة، وننصرف عنهم، فلا إشكال أيضا في أن ذلك ليس بعهد يمنعنا من شراء أولادهم منهم، ولا من شرائهم ممن سباهم، وأما إذا هادناهم على أن نتداخل للتجارة مهادنة مستمرة فهذا الذي رأى اشتراءهم ممن سباهم من مشتبهات الدين الذي تركه وجه

<<  <  ج: ص:  >  >>