للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفرق بينهما، إنه ليس له أن يفرق بينهما، قال: وإن باعهم الذين يجلبونهم أيضا يعني الربانيين على هذا أيضا، وقالوا: إن هذا زوج هذه، وهذه امرأة هذا أقرهم على ذلك، وليس له أن يفرق بينهما، وهذا الذي ليس فيه اختلاف من أحد.

قال محمد بن رشد: قوله في الإمام إذا باع الرجل والمرأة من السبي على أنهما زوجان: إنه ليس للمشتري أن يفرق بينهما هو على ما ذهب إليه ابن حبيب في الواضحة من أن السباء يبيح فسخ نكاح الزوجين، فإن أسلما أو أسلم أحدهما قبل أن توطأ أقرا على نكاحهما، ولم يفسخ ثبتا سبيا معا أو مفترقين خلاف قول ابن القاسم وأشهب في المدونة: إن السباء يهدم نكاح الزوجين سبيا معا أو مفترقين، فعلى قولهما فيها لا سبيل إلى تركهم على ذلك النكاح إلا بنكاح جديد من مالكهم.

وذهب ابن المواز إلى أن السباء لا يهدم نكاح الزوجين ولا يبيح فسخه سبيا معا أو مفترقين، فإن سبيت الأمة على مذهبه، ثم سبي زوجها أو قدم بأمان قبل أن توطأ بالملك فهو أحق بها، وذهب ابن بكر إلى أنه إن سبيت هي قبله فسخ النكاح بسببها، وإن سبي قبلها أو سبيا معا فاستبقا الزوج أقرا على نكاحهما، فهي أربعة أقوال: أحدها؛ إذا تقدم سبي أحدهما فلا فرق بين أن يسبى الآخر بعد ذلك، أو يقدم بأمان في حكم فسخ النكاح يجري ذلك على الاختلاف المتقدم، وإذا تقدم قدوم أحدهما بأمان، ثم سبي الآخر بعده فلا ينفسخ النكاح بإجماع، ويخير إن كانت هي التي قدمت أولا للرق الذي أصابه بالسباء ويعرض عليها الإسلام إن كانت هي التي سبيت آخرا إلا أن تعتق، إذ لا يصح أن تكون زوجة لمسلم وهي أمة كافرة؛ لقوله عز وجل: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ} [النساء: ٢٥] الآية، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>