فقال: لا ينفعهم ذلك، وعليهم الضمان، ولو أمكنوا من ذلك ما عمل منهم أحد إلا اشترط أن لا ضمان عليه، ولا بد لي من غسل ثوبي.
قال محمد بن رشد: تعليله لإسقاط الشرط بأن الناس لو أمكنوا من ذلك ما عمل صانع عملا إلا اشترط أن لا ضمان عليه، يريد فيدخل على الناس بذلك ضرر، إذ لا بد لهم من استعمالهم، يدل على أن الشرط بإسقاط الضمان فيما يغاب عليه من العارية والرهن عامل، إذ لا ضرر في ذلك على المعير والراهن، وذلك في المعير أبين إذ قد لا يبايعه المرتهن إلا بالرهن فتدعو الراهن حاجته إلى البيع إلى أن يلتزم الشرط، وقد حكى ابن أبي زيد في المختصر عن أشهب في الصناع أن شرطهم ينفعهم، فإذا رآه عاملا في الصناع فأحرى أن يعمله في المرتهن والمستعير، ولابن القاسم وأشهب في سماع أصبغ من كتاب العارية أن الشرط غير عامل في الرهن والعارية، ومثله أيضا لابن القاسم في بعض روايات المدونة في العارية في كتاب الرهن منها، فهو في الصانع أحرى ألا يكون عاملا، فيتحصل في ذلك ثلاثة أقوال: إعمال الشرط وإسقاطه، والفرق بين أن يشترط ذلك الصانع أو المرتهن أو المستعير، وهو أظهر الأقوال، إذ لا وجه لإسقاط الشرط في العارية؛ لأن المعير إذا أسقط عن المستعير الضمان فقد فعل معه معروفا من جهتين، والرهن قريب من العارية في ذلك، وما لإسقاطه فيهما وجه إلا أنه من باب إسقاط حق قبل وجوبه، فيجري ذلك على اختلافهم في هذا الأصل، وأما الصانع يشترط ذلك فبين أن سقط شرطه من أجل أن رب المتاع كأنه مكره على الشرط بضرورته إلى استعمال الصانع، وإذا بطل الشرط فنبغي أن يبطل العقد، فإن فات بالعمل كان للصانع أجر مثله على أن عليه الضمان؛ لأنه إذا رضي لما سميا من الأجرة على أن لا ضمان عليه، وأما على ما حكى ابن أبي زيد عن أشهب من إعمال الشرط، فتكون له الأجرة المسماة، وعكس هذه المسألة أن يشترط المعير أو الراهن على المستعير أو المرتهن الضمان فيما لا يغاب عليه من الحيوان أو مع قيام البينة فيما يغاب عليه، فهذا قول مالك فيه وجميع أصحابه أن الشرط باطل جملة من غير تفصيل حاشا مطرفا، فانه قال: إن شرط عليه الضمان