أنهما جميعا مخطئان على رب الثوب الدافع واللابس، فلا يدفع عن اللابس الغرم؛ لأنه مخطئ أيضا على رب الثوب، ويكون له أن يتبع من شاء منهما إن شاء الدافع الذي أخطأ عليه أولا، وإن شاء اللابس المنتفع، فإن رجع على الدافع رجع الدافع على اللابس، وإن رجع على اللابس لم يكن له رجوع على أحد، ورواية أشهب وابن عبد الحكم عن مالك استحسان إذ لا يخرج على أحد القولين، وكذلك رواية عيسى عن ابن القاسم هذه استحسان؛ لأنه لم ير على اللابس أن يغرم إلا مقدار ما وقى عن ثوبه بلباسه ثوب الرجل، ولم يقولوا: إذا أخذ عن الصدقة ثوابا، فاشترى به طعاما فأكله إنه يغرم، وهو قد وقى بذلك ماله إذ لو لم يأكل من الثواب لأكل من ماله، فإذا أكل دفع ثوب هذا إلى هذا وثوب هذا إلى هذا، فلبس كل واحد منهما ثوب صاحبه جرى ذلك على هذا الاختلاف، على قول مالك في الموطأ رواية يحيى لا يكون لواحد منهما على صاحبه شيء، وإنما يرجع كل واحد منهما على الغسال، وعلى قول سحنون في نوازله يرجع كل واحد منهما على صاحبه بما نقص لبسه ثوبه فيتقاصان بذلك، ولا يكون على الغسال شيء إلا أن يكون لأحد منهما فضل على صاحبه، فيرجع به عليه أو على الغسال، فإن رجع به على الغسال رجع به الغسال على اللابس، وعلى رواية عيسى هذه، وهو قول ابن الماجشون، يرجع كل واحد منهما على صاحبه بالأقل مما نقص لبسه من الثوب الذي لبسه أو مما كان ينقص ذلك اللبس من ثوبه لو لبسه ذلك اللبس، ويتقاصان بذلك، فمن كان له منهما في ذلك فضل على صاحبه رجع به على الغسال، وإن لبس كل واحد منهما ثوب صاحبه وهو يعلم أنه ليس ثوبه كان عليه ما نقصه لبسه، وتقاصا بذلك، ومن كان له منهما في ذلك فضل على صاحبه رجع به عليه إلا أن يكون عديما فيرجع به على الغسال ويتبع به الغسال العديم قولا واحدا، وإن لبس أحدهما ثوب صاحبه وهو يعلم أنه ليس ثوبه رجع الذي لبس ثوبه على اللابس بما نقصه اللبس إلا أن يكون عديما، فيرجع به على الغسال أو يتبع به الغسال اللابس.
وتلاف ثوب أحدهما عند صاحبه أو ثوب كل واحد منها عند صاحبه في ضمانه بجميع قيمته على قياس ضمانه لما نقصه لبسه في العمد والجهل