حضرت صلاة العصر، قال: ينزع خفيه، ويغسل رجليه ويصلي ولا يعيد الوضوء. وقال أصبغ فيمن انتقض وضوؤه، فمسح على خفيه، ثم نزع الخف الواحد غسل تلك الرجل الواحدة، وصلى ولم يخلع الأخرى، قال أبو عمرو يوسف بن عمر: فعاودته في ذلك وأنكرته، فثبت على هذا القول، وأبي الرجوع عنه.
قال محمد بن رشد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وقع في بعض الكتب قال: ينزع خفه، ويغسل رجله على الإفراد، وذلك خطأ، والله أعلم، وإنما هو ينزع خفيه ويغسل رجليه، بدليل إدخال العتبي قول أصبغ عقبه؛ لأنه إنما أدخله على الخلاف لابن القاسم، إذ لا وجه له إلا ذلك، ولو لم يدخله على الخلاف لاكتفى بأن يقول: وقال أصبغ مثله.
وقد تقدم لابن القاسم في رسم "نقَدها نقْدها" من سماع عيسى في الذي يلبس الخفين على الخفين، فيمسح على الأعلى منهما، ثم ينزع فردا منهما أنه يمسح على الخف الأسفل من تلك الرجل وحده ويصلي، فمذهبه الفرق في ذلك بين أن يكون الخفان على القدمين أو على خفين. وساوى مالك بينهما في آخر سماع أشهب من هذا الكتاب في الجواز، وابن حبيب في المنع، فيتحصل في ذلك ثلاثة أقوال، وقد بينا ذلك في سماع أشهب المذكور، في قوله في هذه الرواية: فلم يأت العصر حتى انخرق خفه، ثم حضر العصر أنه ينزع خفيه نظر؛ إذ يقتضي ظاهر قوله: إنه إن انخرق خفه بقدر ما لا يمسح عليه قبل العصر فأخر خلعهما إلى أن حضرت صلاة العصر أنه يخلعهما حينئذ، ويغسل رجليه ولا ينتقض وضوؤه، والصواب أن وضوءه ينتقض إن لم يخلعهما حين انخرق الخف خرقا لا يمكنه المسح عليه، ولم يبين في الرواية حد الخرق الذي يجوز المسح عليه من الذي لا يجوز، ولا وقع ذلك في الأمهات ما فيه شفاء وجلاء؛ لأنه قال في المدونة: إن كان كثيرا فاحشا يظهر منه القدم فلا يمسح، وإن كان يسيرا لا يظهر منه القدم فليمسح، قال في الواضحة: إن كان فاحشا لا يعد به