عشرة، فإن حلف البناء ونكل صاحب البنيان عن اليمين أجبر على أخذ ما بنى له البناء، وإن حلفا جميعا تفاسخا وقيل للبناء: أقلع نقضك إلا أن يشاء صاحب البنيان أن يدفع إليه قيمة بنيانه منقوضا مطروحا بالأرض.
قال ابن القاسم: وقال مالك في رجل استأجر حائكا ودفع إليه غزلا ينسجه له ثوبا سبعا في أربع فنسجه ستا في ثلاث، وزعم أنه أمره بذلك، قال مالك: القول قول الحائك ويحلف، وإنما فرق بين الحائك والبناء؛ لأن الحائك صانع من الصناع يضمن ما دفع إليه، ويكون أولى بما دفع إليه من الغرماء إن فلس صاحب الثوب حتى يستوفي أجرته.
قال محمد بن رشد: قوله في مسألة البنيان إنهما يتحالفان ويتفاسخان إلا أن يشاء البناء أن يبني له عشرا في عشر، يريد أو يشاء صاحب البنيان أن يأخذ ما بني له، وقوله: فإن حلف ألزمه صاحب البنيان، يريد أنه إن حلف البناء، ونكل صاحب البنيان عن اليمين لزمه أخذ ما حلف عليه البناء على ما نص عليه بعد، فمعنى قوله: ومقتضاه أنه إن حلف أحدهما ونكل الآخر كان القول قول الحالف منهما، وإن حلفا جميعا أو نكلا جميعا انفسخ الأمر بينهما وقيل للبناء: اقلع نقضك إلا أن يشاء رب البنيان أن يأخذه بقيمته مقلوعا ويتفاسخان؛ لأن كل واحد منهما مدع على صاحبه، صاحب البنيان يدعي على البناء بنيان عشرة في عشرة وهو منكر لذلك، فوجب أن يحلف على ذلك ليسقطه عن نفسه، والبناء مدع على صاحب البنيان يريد أن يلزمه ما لم يقر باشتراطه من خمسة في خمسة، وما هو منكر له، فوجب أن يحلف على ذلك لئلا يلزمه أخذه، فإذا حلفا جميعا أو نكلا جميعا لم يكن للبناء إلا بنيانه يقلعه إلا أن يشاء رب البنيان أن يأخذه بقيمته مقلوعا مطروحا بالأرض كما قال، والفرق بين مسألة البنيان، ومسألة الحائك، أن الحائك صانع من الصناع، فصاحب الثوب يرجع عليه في الغزل الذي دفعه إليه ليصنعه أنه صنع منه ما لم يأمره به كما لو دفع إليه خشبا ليعمل منه أبوابا، فلما عملها قال: لم آمرك إلا