بعده فيلزمه قيمته يوم دفع إليه غير معمول، وليس لرب الثوب أن يضمنه قيمته معمولا ويؤدي إليه أجرة قصارته، فالذي يأتي في هذه المسألة على قول ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة أن يكون على الطحان من القمح ما يخرج منه قدر نقصان الدقيق، فإن كان القمح في التمثيل ثمانية أقفزة والثمانية الأقفزة تكون مطحونة يدفعها تسعة أقفزة، فلم يجد في الدقيق إلا ثمانية أقفزة ونقصه قفيز فيؤدي إليه ثمانية أتساع قفيز من قمح، ويكون عليه أن يطحنه له فيصير قفيزا مطحونا ويأخذ أجرته، فإن لم يطحنه نقص من أجرته على الطحين ما ينوبه، وذلك تسع الأجرة، ولا يجوز له على قياس هذا القول أن يأخذ منه ما نقصه من الدقيق؛ لأنه يكون إذا فعل ذلك قد ابتاع منه قفيز دقيق بثمانية أتساع قفيز من قمح وجبت له قبله وتسع الأجرة، فيدخله التفاضل بين القمح والدقيق، وقال ابن دحون في هذه المسألة: إنه كان الأصل أن يضمن ما نقصه قمحا؛ لأنه إنما أعطاه قمحا ويكون عليه طحن ما نقصه من القمح، استحب ابن القاسم ذلك، فجعله يضمنه دقيقا، هذا نص قول ابن دحون، وهو قول غير صحيح، إذ لو كان الواجب له عنده قمحا لما جاز له أن يأخذ منه دقيقا أكثر من القمح الذي وجب له وبما يجب له من أجرة الطحين، وإنما قال إنه يأخذ منه الدقيق؛ لأنه رأى أنه الواجب له على قياس ما ذكرناه من أن الثوب إذا ضاع عند القصار لزمه ضمانه مقصورا وكانت له قصارته، وفي كتاب محمد أن ذلك يلزمه إذا ضاع بعد القصارة، فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال؛ أحدها: أنه يؤدي قيمته يوم قبضه ولا أجرة له، وهو قوله في المدونة، والثاني: أنه يؤدي قيمته معمولا، ولا تكون له أجرته، وهو الذي يأتي على قول ابن القاسم في هذه المسألة، والثالث: التفرقة في كتاب ابن المواز بين أن يضيع قبل العمل أو بعده، وقد ذهب أبو إسحاق التونسي إلى قول ابن القاسم في هذه المسألة على قوله في سماع يحيى من كتاب كراء الرواحل والدواب في الكري يبيع الطعام الذي استكري على حمله في بعض الطريق، ولو قال: إن قوله في تلك المسألة على قياس قوله في هذه لكان أشبه؛ لأن هذه المسألة جارية على أصل فهي أشبه أن يكون أصلا لا